الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما ليس بمال ولا آيل له كعتق ، [ ص: 449 ] ورجعة ، وكتابة عدلان

التالي السابق


( ولما ) أي مشهود به ( ليس بمال ولا آيل له ) أي المال ( كعتق ) وهو كل عقد لازم لا يفتقر لعاقدين ، وفيه إخراج فمثله الوقف والطلاق غير الخلع والعفو عن القصاص [ ص: 449 ] والوصية بغير المال ، ويلحق به الولاء والتدبير قاله تت . طفى لم أر من ذكر أن الوقف لا بد فيه من عدلين ، وقول المصنف الآتي وإن تعذرت يمين بعض كشاهد بوقف إلخ ينافيه . وقال ابن رشد المشهور المعلوم من مذهب مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم أن شهادة النساء عاملة في الأحباس ; لأنها أموال ، وقد عده ابن فرحون فيما يثبت بشاهد وامرأتين وبأحدهما ويمين ، وقوله غير الخلع أخرج الخلع لعدم انتظامه في هذا السلك وسيذكره في العقود التي تفتقر لعاقدين . البناني أجيب بأن ما ذكره تت ومن تبعه يحمل على الوقف على غير معين ، فإنه لا يثبت بالشاهد . الباجي إن كانت الشهادة لغير معينين ولا يحاط بهم مثل أن يشهد شاهد بصدقة لبني تميم أو المساكين أو في سبيل الله تعالى ، فقال ابن القاسم وأشهب لا يحلف مع الشاهد ولا يستحق بشهادته شيئا ، ووجه هذا أنه لا يتعين مستحق هذا الحق فيحلف معه ، وإنما يحلف في الحقوق من يستحق بيمينه الملك أو القبض ، ويطلب به إن نكل .

قلت الجواب بكلام الباجي لا يصح ; لأنه إنما دل على تعذر الثبوت بالشاهد واليمين في هذه الصورة ، ويبقى الثبوت بالشاهد والمرأتين ، ففي ابن عرفة عن ابن رشد ما نصه الصواب جواز شهادة رجل وامرأتين بوصية للمساكين على أصل ابن القاسم ; لأن اليمين إنما سقطت ; لأن رب الحق غير معين لا لأن الوصية بمال لا تستحق بيمين مع الشاهد .

( ورجعة ) تت وهو كالأول إلا أن فيه إدخالا ، فمثله الاستلحاق والإسلام والردة ، ويناسبه الإحلال والإحصان ( وكتابة ) تت وهو عقد يفتقر لعاقدين ، فمثلها النكاح والوكالة في غير المال والخلع ويلحق به العدة ( عدلان ) ابن عرفة ومتعلق الشهادة بالذات محكوما به إن لم يكن مالا ولا زنا ولا قرينة ولا مختصا باطلاع النساء ، فشرط شهادته اثنان رجلان . ابن شاس المرتبة الثانية ما عدا الزنا مما ليس بمال ولا ما يئول إليه كالنكاح والرجعة والطلاق والعتق والإسلام والردة والبلوغ والولاء والعدة والجرح والتعديل والعفو عن القصاص وثبوته في النفس والأطراف على خلاف فيهما ، والنسب والموت والكتابة [ ص: 450 ] والتدبير وشبه ذلك ، وكذا الوكالة والوصية عند أشهب وعبد الملك . شرط كل ذلك العدد والذكورية ، ثم قال ابن عرفة وعد المازري في هذا النوع الإحلال والإحصان والإيلاء والظهار ، وتقدم عد ابن شاس العدة فيه . المازري يشهدان بانقضائها أو ثبوتها ، قال وحد الخمر والسرقة والقذف وعد فيها الرجعة كالمعونة ولم يذكرا فيها خلافا . وقال ابن حارث في شهادتهن في الارتجاع قولان ، فسمع أشهب لا تجوز . وقال ابن نافع في غير المستخرجة هي جائزة فيه .




الخدمات العلمية