الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو أنه استصنع ، وقال : وديعة ، أو خولف في الصفة ، وفي الأجرة [ ص: 47 ] إن أشبه وحازا ، لا كبناء

التالي السابق


( و ) القول للأجير ( أنه استصنع ) بضم التاء وكسر النون ، أي الأجير فيما بيده لغيره مما له فيه صنعة كثوب بيد خياط وغزل بيد نساج وعين بيد صائغ ( وقال ) ربه ( وديعة ) عندك فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى ، ومن ادعى على صباغ أو صائغ فيما قد عمله أنه أودعه إياه ، وقال الصائغ بل استعملتني فيه فالصائغ مصدق ; لأنهم لا يشهدون في هذا ولو جاز هذا لذهب أعمالهم ( أو ) أي والقول للصانع إن اتفقا على استصناعه و ( خولف ) بضم الخاء المعجمة الأجير ( في الصفة ) فالقول قوله إن أشبهت الصفة رب المصنوع كصبغه ثوبا أخضر لشريف مدعيا أمره به ، وخالفه الشريف قائلا أمرتك بصبغه أسود وكخياطته ثوبا واسع الأكمام لفقيه ، فقال الفقيه أمرتك بتضييقه ( أو ) اتفقا على استصناعه وصفته وخولف في قدر ( الأجرة ) بأن قال عشرة ، وقال الآخر خمسة فالقول [ ص: 47 ] للأجير ( إن أشبه ) بفتح الهمز والموحدة أي وافق الأجير في دعواه الاستصناع والصفة والأجرة العادة بين مثله ومثل رب الشيء .

( و ) إن ( حاز ) بحاء مهملة وزاي ، أي استولى الأجير على المصنوع ، ومفهوم أشبه أنه إن لم يشبه فلا يكون القول قوله ، والقول قول رب المال إن أشبه ، فإن لم يشبه أيضا حلفا ورد إلى أجرة المثل ونكولهما كحلفهما ، ويقضى للحالف على الناكل ، وذكر مفهوم فقال ( لا ) إن لم يحز ( كبناء ) بفتح الموحدة والنون مثقلا وبكسر الموحدة مخففا ، فليس القول قوله في قدر الأجرة فيها إن قال اللاتي أمرتني أن ألته بعشرة ففعلت ، وقال ربه بل أمرتك بخمسة وبها لتته ، فاللات مصدق بيمينه إن أشبه أن يكون فيه سمن بعشرة ; لأنه مدعى عليه الضمان ، كقول مالك " رضي الله عنه " في الصباغ إذا صبغ الثوب بعشرة دراهم عصفر ، وقال لربه بذلك أمرتني وقال ما أمرتك أن تجعل فيه إلا خمسة دراهم عصفر أن الصباغ مصدق بيمينه إن أشبه أن يكون فيه بعشرة وإن أتى بما لا يشبه صدق رب الثوب بيمينه ، فإن أتيا بما لا يشبه فله أجر مثله .

ابن القاسم ولت مثله سواء ، ولو قال رب الثوب لي صبغ متقدم أو في السويق لتات متقدم فلا يصدق ، وجميع ما ذكرناه إذا أسلم إليه السويق والثوب ، فإن لم يسلمه إليه ولم يغب عليه فربه مصدق ، إذ لم يأتمنه . ابن شاس إن اختلف الصانع ورب الثوب في قدر الأجرة فالقول قول الصانع ، بخلاف البناء يقول بنيت هذا البناء بدينار ويقول ربه بأقل فالقول قوله مع يمينه ; لأنه حائز لذلك إلا أن يدعي ما لا يشبه . ( تنبيهات )

الأول : " غ " إن أشبه وحاز أشبه راجع للفروع الأربعة ، بخلاف حاز بالحاء المهملة .

الثاني : البناني الحوز إنما يحتاج إليه إذا أشبها معا ، أما إذا أشبه الصانع فقط فلا يحتاج إلى الحوز . والحاصل أنهما إن أشبها معا فالقول قول الحائز منهما وإن لم يشبها معا فأجرة المثل ، ولا ينظر إلى حوز ، وإن أشبه أحدهما فقط فالقول قوله وإن لم يحز ، [ ص: 48 ]

الثالث : أجاز الشارح كون جاز بالجيم من الجواز احترازا عن ادعاء الأجير ما لا يجوز فلا يصدق .




الخدمات العلمية