الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 427 ] ولا إن دفع : كشهادة بعض العاقلة بفسق شهود القتل ، أو المدان المعسر لربه

التالي السابق


( ولا ) تقبل شهادة الشاهد ( إن دفع ) الشاهد بها عنه ضررا ( كشهادة بعض العاقلة ) للمشهود عليه بالقتل ( بفسق ) الـ ( شهود ) الشاهدين عليه ب ( القتل ) خطأ لاتهامهم بقصدهم إسقاطهم غرم الدية عن أنفسهم ، عد ابن الحاجب من موانع الشهادة أن يجرأ أو يدفع بها ، قال أما الدفع فكشاهدة بعض العاقلة بفسق شهود القتل خطأ . ابن عبد السلام أطلقوا القول برد هذه الشهادة مع أن الفقير لا يلزمه شيء ، والذي يلزم الغني أداؤه يسير جدا ، فتأمل هذا ، وقابله بقول ابن المواز يقبل هذا ا هـ ، فأخذ المصنف منه تقييد الشاهد بالفسق بكونه غنيا ، وتبعه الشارح وتت وعب وشب واعتمده البناني والعدوي . ( أو ) كشهادة ( المدان ) بضم الميم وتخفيف الدال أي المدين ( المعسر ) في الواقع الظاهر الملاء الذي يخشى حبسه حتى يثبت عسره ( لربه ) أي الدين فلا تقبل لاتهامه بقصد دفع ضرر حبسه في دينه ، ومفهوم المعسر أنشهادة المدين الغني الذي لا يضره دفع ما عليه ولا يخشى حبسه فيه له مقبولة ، وهو كذلك لعدم التهمة ، وكذا إن كان الدين مؤجلا بأجل بعيد ، سواء شهد له بمال أو استحقاق قصاص أو حد قاذف أو تأديب ساب ; لأن غير المال قد يكون من أهم المال خلافا لنقل ابن زرقون عن أهل النظر إجازة شهادة المدين المعسر لربه بغير المال أفاده الخرشي . ابن عبد السلام إذا كان المانع من قبول الشهادة كونه أسيره فلا فرق بين المال وغيره ، وربما كان غير المال أهم عند المشهود له من المال . ابن عرفة إن كان الدين للمشهود له على الشاهد ففي سماع زونان لأشهب جوازها كان مليا أو معدما ، خلاف قول ابن القاسم في [ ص: 428 ] هذا السماع ، يريد والدين حال أو قريب الحلول ; لأنه يتهم على أن يوسع له في أجل الدين ويؤخره به كانت شهادته له بمال أو غيره ، ولم ير أشهب هذه تهمة في العدل كان الدين للمشهود له على الشاهد أو بالعكس . الباجي إن كان للمشهود له دين على الشاهد ، فإن كان غنيا قبلت ، وإن كان فقيرا ردت قاله ابن القاسم وأشهب والأخوان قالا ; لأنه كأسير بيده إن كان الدين حالا أو قريب الحلول ، وإن بعد أجله جازت على قول سحنون وردت على قول ابن وهب . ومعنى الغنى هنا أن لا يستضر بإزالة هذا المال عنه ، فلو كان عنده كفافه فالضرر يلحقه بتعجيله منه فترد شهادته .

البناني ضبط في التوضيح المدان بتخفيف الدال اسم مفعول من أدان الرباعي كأقأم ، وهو في بعض نسخ ابن الحاجب بشد الدال على أنه اسم فاعل من ادان المشدد الدال الخماسي ، وأصله ادتين على وزن افتعل ، وكلاهما صحيح . قال في مختصر العين أدنت الرجل أعطيته دينا ، وهذا يشهد للأول ، ثم قال وادان واستدان ودان أخذ الدين وهذا يشهد للثاني ونحوهما للجوهري إلا أنه فسر الخماسي باستقرض بعدما قال دنت الرجل أقرضته فهو مدين ومديون .




الخدمات العلمية