الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ونقض ، إن ثبت كذبهم : [ ص: 503 ] كحياة من قتل ، أو جبه قبل الزنا

التالي السابق


( و ) إن شهد عدلان على شخص بقتل آخر مساو له في الحرية والإسلام عمدا عدوانا أو أربعة عن محصن بالزنا وحكم الحاكم بالقصاص من الأول ورجم الثاني ( نقض ) بضم فكسر ، أي فسخ الحكم ( إن ثبت كذبهم ) أي الشهود في شهادتهم . البناني هذه المسألة استوفاها ابن الحاجب وأجملها المصنف ، فلو قال ونقض إن ثبت كذبهم قبل الاستيفاء كحياة من قتل أو جبه قبل الزنا أو بعده وأمكن كدية خطأ وإلا فلا كرجوعهم ولو عن دماء وحد وغرما مالا ودية لكان أوضح وأتم . ابن عاشر هذا تفصيل المسألة وضمير غرما للشاهدين في عدم النقض في صورتي تبين الكذب والرجوع . ا هـ . ( ك ) ظهور ( حياة [ ص: 503 ] من ) أي الشخص الذي شهدا بأنه ( قتل ) بضم فكسر عمدا أو خطأ ، فإن كان اقتص في العمد ثم قدم المشهود بقتله حيا غرم الشاهدان الدية من أموالهما ولا شيء منها على الإمام ولا على من قتل المشهود عليه وإن شهدا بالقتل خطأ ثم ثبتت حياته بعد غرم العاقلة الدية ، فقال ابن القاسم ترجع العاقلة بالدية على من أخذها ، فإن أعدم فلها الرجوع على الشهود وعليه اقتصر ابن الحاجب .

( أو ) ظهور ( جبه ) بفتح الجيم وشد الموحدة ، أي المشهود عليه برؤية الزنا ( قبل الزنا ) المشهود به ويغرم الشهود ديته ولا يحدون لجبه . ابن عرفة في الموازية ابن القاسم إن شهد رجلان بأن هذا الرجل قتل ابن هذا عمدا فقضى بقتله فقتله ، ثم قدم الابن حيا غرم الشاهدان ديته في أموالهما إن تعمدا ذلك ولا شيء على الإمام ولا على عاقلته ولا على الأب ، وقاله أصبغ إن كان ذلك عمدا من الشاهدين . ابن القاسم ولو صالح الأب القاتل بمال لرده فإن كان عديما فلا يتبع الشاهدان بشيء وقاله ابن سحنون لا يقيد إن تعمدوا ذلك ، وزاد عنه ولا يرجع الشاهدان فيما غرما على القاتل بشيء ; لأنهما اللذان تعديا ، فإن كانا عديمين رجع ولي المقتول على الولي القاتل ، فإن أخذ ذلك منه فلا يرجع على الشاهدين ; لأنه الذي أتلف النفس ، ثم قال وروي أن ولي الدم مخير إن شاء أتبع الشاهدين فإن اختار ذلك فليس له التحول عنهما إلا بعدمهما ; لأنه إن أخذ ذلك منهما رجعا به على الولي ، وإن اختار تضمين الولي القاتل فليس له التحول عنه إلى الشاهدين أعدم أو لم يعدم وإن ودى الولي القاتل لم يكن له رجوع على الشاهدين ، وقد روي أنه لا يرجع على الولي بشيء ; لأن ظهور المحكوم بقتله حيا أبطل الحكم ، والولي إنما أخذ ما أعطاه الشاهدان على أنهما صدقا عنده ، والذي أخذه قصاص لا ثمن له ، وعلى الشاهدين غرم الدية ; لأنهما اللذان أتلفا ذلك . قلت فحاصله إن قدم من اقتص بقتله ببينة حيا ففي تعين رجوع ولي من قتل به على الشاهدين عليه بديته في أموالهم إن كانا مليين وإلا فعلى المقتص تخييره في ذلك وفي رجوعه [ ص: 504 ] على المقتص . ثالثها لا رجوع على المقتص بشيء مطلقا ، ثم قال ولو كانت الشهادة بقتل خطأ ثم قدم من شهد بقتله بعد غرم العاقلة الدية رجعت على البينة بها حالة

فإن أعدمت فعلى الولي ومن يغرم منهما فلا يرجع على الآخر بشيء ، وروي أن العاقلة مخيرة ، فإن اتبعت البينة فلا تحول لها عنها إلى الولي إلا في عدمها ; لأنهما لو غرمت رجعت على الولي ، وإن اتبعت الولي فلا تحول لها عنه إلى البينة ولو أعدم ; لأنه إن غرم لم يكن له رجوع على البينة ، وعن ابن القاسم أن الأب يرد على العاقلة ما أخذ منها ، فإن كان عديما غرمت البينة ، ثم قال وفيها إن شهد أربعة على رجل بالزنا فرجمه الإمام ثم وجده مجبوبا فلا يحد الشهود ، إذ لا يحد من قال لمجبوب يا زان وعليهم الدية في أموالهم مع وجيع الأدب وطول السجن إلا أن يقولوا رأيناه يزني قبل جبه فتجوز شهادتهم ولا حد عليهم بكل حال .




الخدمات العلمية