الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 523 ] وإن كان ببنوة ، فلا غرم ، إلا بعد أخذ المال بإرث ، إلا أن يكون عبدا : فقيمته أولا ، ثم إن مات وترك آخر : فالقيمة للآخر ، وغرما له نصف الباقي ، وإن ظهر دين يستغرق : أخذ من كل النصف ، [ ص: 524 ] وكمل بالقيمة ; ورجعا على الأول بما غرمه العبد للغريم

التالي السابق


( وإن كان ) رجوعهما عن شهادتهما ( ببنوة ) لشخص ادعاها وأنكرها أبوه فحكم عليه بها ثم رجعا عنها ( فلا غرم ) عليهما في الحال إذ لم يتلفا على الأب مالا ( إلا بعد ) موت الأب و ( أخذا ) لولد المشهود له ل ( لمال ) الذي تركه الأب ( بإرث ) عنه وللأب ورثة حجبهم الابن المشهود له كإخوة أو شاركهم كأولاد فيغرمان عوض ما أخذه الابن المشهود له من تركة أبيه ، فإن لم يكن للأب وارث غير الابن المشهود له فإنهما يغرمان عوض جميع التركة لبيت المال ، واحترز بقوله بإرث عما أخذه الابن بدين له على أبيه فلا يغرم الشاهدان عوضه و ( إلا أن يكون ) المشهود ببنوته ( عبدا ) للمشهود عليه بالأبوة ( فقيمته ) أي العبد يغرمها الشاهدان ( أولا ) بفتح الواو مشددا للمشهود عليه . ( ثم إن مات ) المشهود عليه ( وترك ) ابنا ( آخر ) بمد الهمز وفتح الخاء ثابتا نسبه ( فالقيمة ) التي أخذها المشهود عليه من الشاهدين ( ل ) لابن ا ( لآخر ) الثابت نسبه لا يشاركه فيها المشهود له ; لأنه يقول لا حق للمشهود عليه فيها وأخذها من الشاهدين ظلم وتقسم التركة بين الابنين الثابت والمشهود له ( وغرما ) أي الشاهدان ( له ) أي الابن الثابت نسبه ( نصف الباقي ) من تركة المشهود عليه بعد إخراج القيمة منها .

( وإن ظهر دين مستغرق ) للتركة على الأب المشهود عليه ( أخذ ) بضم فكسر ( من كل ) من الابنين الثابت والمشهود له ( نصفه ) الذي أخذ من تركة أبيهما ، وكذا إن ظهر [ ص: 524 ] دين غير مستغرق فيؤخذ من كل نصفه وخص المصنف المستغرق لقوله وكمل بالقيمة ( و ) إن لم يوف ما يؤخذ بهما بالدين الذي ظهر على أبيهما ( كمل ) بضم فكسر مثقلا الدين ( بالقيمة ) التي اختص بها ثابت النسب ، وإن فضل منها شيء عن الدين اختص به أيضا وأخرت في وفاء الدين للشك في استحقاقها الميت ( ورجعا ) أي الشاهدان ( على الأول ) أي الابن الثابت نسبه ( ب ) عوض ( ما غرمه العبد ) المشهود ببنوته ( للغريم ) أي صاحب الدين الذي ظهر على الميت ; لأنهما إنما غرماه للثابت لإتلافه عليه بشهادتهما ، فلما ظهر الدين على المشهود عليه كشف أن تركته حق لصاحب الدين لا لابنه الثابت نسبه ، وأنهما لم يتلفا عليه ما أخذه المشهود له ثم أخذه منه الغريم . البساطي قال بما غرمه للعبد إلخ ; لأن الدين قد لا يستغرق التركة فلا يرجعان على الأول إلا بقدر ما يلزم الثاني للغريم . الحط هذا ظاهر لكن المصنف فرض المسألة في دين مستغرق فلا يلائمه ما قاله ، وإنما يلائمه لو قال بما غرماه له ويظهر لي إن ساعده النقل أن الغريم قد لا يجد بيد العبد إلا بعض ما أخذه وهو معسر بالباقي ، فلا يرجع الشاهدان على الأول إلا بقدر ما غرمه العبد للغريم من كتاب ابن المواز وإن شهدا على رجل أنه أقر في عبده أنه ابنه فقضى بإلحاق نسبه به وحريته ثم رجعا والسيد صحيح البدن، فالحكم بالنسب ماض ، وعليهما للسيد قيمة العبد ، فإن مات الأب بعد ذلك وترك ولدا آخر مع المستلحق فليقسما تركته إلا قيمة المستلحق التي أخذها الأب من الشاهدين ، فإنها تعزل من التركة فتكون للابن الأول وحده ; لأن المستلحق يقول إن أباه ظلم الشهود فيها وإنه لا ميراث له فيها ، وينظر ما حصل للمستلحق من الميراث فيغرم الشاهدان مثله للابن الأول عوض ما أتلفاه عليه . محمد إنما جعلنا القيمة كلها للابن الأول ; لأنا لو قسمناها بينهما لرجع الشاهدان على المستلحق بما أخذه منها فأخذاه منه لاعترافه أنه لا رجوع لأبيه عليهما لصحة نسبه ، فإذا أخذا ذلك منه قام عليهما الابن الأول فأخذ ذلك منهما ; لأنه يقول لو بقي ذلك بيد المستلحق لوجب لي الرجوع بمثله عليكما ، إذ تغرمان لي كل ما أخذه من التركة ; لأنكما ألحقتماه [ ص: 525 ] بأبي محمد

فلو طرأ على الميت دين مائة دينار فليأخذ من كل واحد من الولدين نصفها ، فإن عجز ذلك أتم قضاء ذلك الدين من تلك القيمة التي انفرد بها الابن الأول ، ورجع الشاهدان على الابن الثابت فأغرماه مثل الذي غرمه المستلحق للغريم . ابن يونس ; لأنهما كانا غرما له مثل ما أخذ المستلحق ، والذي أخذه المستلحق قد قضى به الابن دين أبيه ولا ميراث للابن الثابت إلا ما فضل عن الدين ، وأيضا فهو كما لو لم يأخذ المستلحق شيئا ولم يكن يجب عليهما غرم مثل ذلك للثابت ، فلذا وجب لهما أن يرجعا به عليه .




الخدمات العلمية