الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 345 - 346 ] أو جعل بتة واحدة ، [ ص: 347 ] أو أنه قصد كذا فأخطأ ببينة ، أو ظهر أنه قضى بعبدين ، أو كافرين ، أو صبيين ، أو فاسقين : كأحدهما ، [ ص: 348 ] إلا بمال فلا يرد ، إن حلف ، وإلا أخذ منه ، إن حلف

التالي السابق


( أو ) حكم ب ( جعل بتة ) بفتح الموحدة ، أي طلاق بت العصمة وقطعها وهو الثلاث طلقة ( واحدة ) ابن القاسم من طلق زوجته ألبتة فرفع لمن يراها واحدة فجعلها [ ص: 347 ] واحدة وزوجها البات قبل زوج فلمن ولي بعده أن يفرق بينهما ، وليس هذا من الاختلاف الذي يقر الحكم به . وقال ابن عبد الحكم لا ينتقض ذلك كائنا ما كان ما لم يكن خطأ محضا ( أو أنه ) أي القاضي ( قصد كذا ) من الأقوال ليحكم به ( فأخطأ ) وحكم بغيره وثبت ذلك ( ببينة ) شهدت عند القاضي . الثاني أن القاضي الأول قصد الحكم بكذا فأخطأ وحكم بغيره فينقضه الثاني . ابن الحاجب إن قامت بينة على أن للقاضي العدل فيما حكم به رأيا فحكم بغيره سهوا نقض حكمه . ابن عرفة ذكره ابن محرز ، ونصه إن قصد إلى الحكم بمذهب فصادف غيره سهوا فهذا فسخه هو دون غيره ، إذ ظاهره الصحة لجريانه على مذهب بعض العلماء ووجه غلطه لا يعرف إلا من قوله إلا أن تشهد بينة أنها علمت قصده إلى الحكم بغيره فوقع فيه فينقضه من بعده كما ينقضه هو .

( أو ظهر أنه ) أي القاضي ( قضى ) بأمر ( ب ) شهادة ( عبدين أو كافرين أو صبيين أو فاسقين ) معتقدا عدالتهما فينقض قضاؤه في الثلاث الأول اتفاقا ، وفي الرابعة على أحد قولي الإمام مالك " رضي الله عنه " ، وبه أخذ ابن القاسم والآخر لا ينقض وبه أخذ أشهب . ابن الحاجب لو ظهر أنه قضى بعبدين أو كافرين أو صبيين نقض الحكم ، بخلاف رجوع البينة . اللخمي إن ثبت تقدم جرحة البينة فقال مالك رضي الله عنه في كتاب الشهادات ينقض الحكم . وقال في كتاب الحدود يمضي ، وعلى هذا يجري إن ثبت أن بينهما وبينه عداوة أو تهمة .

وشبه في النقض فقال ( ك ) ظهور ( أحدهما ) أي الشاهدين بعد الحكم بشهادتهما عبدا أو كافرا أو صبيا أو فاسقا فينقض . فيها إن علم بعد الجلد أو الرجم أن أحدهم عبد حد الشهود أجمعون . اللخمي إن ثبت أن أحدهما عبد نقض الحكم قاله الإمام مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم . ولو قيل بمضيه كان له وجه ، بل هو أولى من عدم [ ص: 348 ] إمضائه إن ثبت جرحته لأن شهادة الفاسق مردودة اتفاقا ، والعبد أجاز شهادته علي وأنس وشريح وغيرهم وإن ثبت أن أحدهما نصراني رد الحكم قولا واحدا ، وإذا ثبت أنهما أو أحدهما مولى عليه ففي كتاب ابن سحنون ينقض . والنقض في هذا أبعد منه في العبد ، وقد قال مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم إن شهادة المولى عليه تجوز ابتداء وهو أحسن لأنه حر مسلم عدل ولا ترد شهادته لجهله بتدبير ماله .

ابن عرفة الرواية واضحة بأن كونهما صبيين أو أحدهما ككونهما أو أحدهما كافرا ( إلا ) أن يكون الحكم بشهادة من ظهر أحدهما عبدا أو صبيا أو فاسقا أو كافرا ( بمال ف ) لا ينقض الحكم و ( لا يرد ) بضم التحتية وفتح الراء وشد الدال المال للمحكوم عليه ( إن حلف ) المحكوم له به لتمام النصاب باليمين ( وإلا ) أي وإن لم يحلف المحكوم له به ( أخذه ) أي المحكوم عليه المال ( منه ) أي المحكوم له ( إن حلف ) المحكوم عليه لرد شهادة الشاهد الباقي ، فإن نكل فلا يأخذه لثبوته عليه بالشاهد والنكول فيها إن حكم بمال ثم تبين أن أحدهما عبد أو من لا تجوز شهادته حلف الطالب مع الباقي ، فإن نكل حلف المطلوب واسترجع المال ، وإن شهدا عليه بقطع يد رجل عمدا فاقتص منه ثم تبين أحدهما عبدا أو من لا تجوز شهادته فلا يكون على متولي القطع شيء وهذا من خطأ الإمام اللخمي ، أراد إن لم يعلم الحر أن الذي معه عبد . واستشكل قولها من خطأ الإمام ولم يقل يحلف المقتص له مع الشاهد الباقي كما قال في المال لأن قوله فيها إن جراح العمد ثبتت بالشاهد واليمين كالمال . ويجاب بأن المال يمكن رده فكان للمشهود له منتفع بيمينه فصح حلفه والقطع لا يمكن رده فلا نفع للمشهود له بحلفه .




الخدمات العلمية