الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4356 [ ص: 163 ] باب: فيما أخبر به النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: من أمر الدين، والفرق بينه وبين الرأي للدنيا.

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب وجوب امتثال ما قاله شرعا، دون ما ذكره صلى الله عليه وآله وسلم، من معايش الدنيا على سبيل الرأي).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص116، 117 جـ15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن موسى بن طلحة عن أبيه قال مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل فقال ما يصنع هؤلاء؟ فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أظن يغني ذلك شيئا قال: فأخبروا بذلك فتركوه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه؛ فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به؛ فإني لن أكذب على الله عز وجل ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن طلحة بن عبيد الله) رضي الله عنه: (قال: مررت مع رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بقوم على رؤوس [ ص: 164 ] النخل. فقال: "ما يصنع هؤلاء؟". فقالوا: يلقحونه؛ يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح). معناه: إدخال شيء من طلع الذكر، في طلع الأنثى، فتعلق بإذن الله.

                                                                                                                              (فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "ما أظن يغني ذلك شيئا. قال: فأخبروا بذلك، فتركوه. فأخبر رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بذلك. فقال: "إن كان ينفعهم ذلك، فليصنعوه. فإني إنما ظننت ظنا. فلا تؤاخذوني بالظن. ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا، فخذوا به. فإني لن أكذب على الله، عز وجل").

                                                                                                                              هذا الحديث: له ألفاظ وطرق؛ منها: حديث أنس، عند مسلم، بلفظ: "أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، مر بقوم يلقحون. فقال: "لو لم تفعلوا لصلح" قال: فخرج شيصا. أي: رديئا. فمر بهم، فقال: "ما لنخلكم؟". قالوا: قلت كذا وكذا. قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".

                                                                                                                              وفي رواية: "إذا أمرتكم بشيء من دينكم، فخذوا به، وإذا أمرتكم [ ص: 165 ] بشيء من رأيي، فإنما أنا بشر.

                                                                                                                              قال العلماء: ورأيه في أمور المعاش، وظنه، صلى الله عليه وآله وسلم كغيره، فلا يمتنع وقوع مثل هذا، ولا نقص في ذلك. وسببه تعلق همته بالآخرة ومعارفها.

                                                                                                                              وأما ما قاله باجتهاده، ورآه شرعا: يجب العمل به. وليس إبار النخل من هذا النوع، بل من النوع المذكور قبله. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية