الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4489 باب في فضائل أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين رضي الله عنها

                                                                                                                              ولفظ النووي : (باب من فضائل أم سلمة) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 7، 8 جـ16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي: حدثنا أبو عثمان عن سلمان، قال: لا تكونن -إن استطعت- أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته. قال: وأنبئت [ ص: 516 ] أن جبريل، عليه السلام، أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم -وعنده أم سلمة- قال: فجعل يتحدث، ثم قام، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة، من هذا -أو كما قال- قالت: هذا دحية .

                                                                                                                              قال: فقالت أم سلمة: ايم الله! ما حسبته إلا إياه،
                                                                                                                              حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم: يخبر خبرنا -أو كما قال- قال: فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا؟ قال من أسامة بن زيد)
                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي عثمان، عن سلمان ؛ قال : لا تكونين - إن استطعت - أول من يدخل السوق) .

                                                                                                                              "السوق" تؤنث ، وتذكر. سميت بذلك : لقيام الناس فيها على سوقهم .

                                                                                                                              (ولا آخر من يخرج منها ؛ فإنها معركة الشيطان) .

                                                                                                                              قال أهل اللغة : "المعركة" ، بفتح الراء : موضع القتال ، لمعاركة الأبطال بعضهم بعضا فيها ، ومصارعتهم . فشبه "السوق ، وفعل الشيطان بأهلها ، ونيله منهم" : بالمعركة ، لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل ، كالغش ، والخداع ، والأيمان الخائنة ، والعقود الفاسدة ، والنجش ، والبيع على بيع أخيه ، والشراء على شرائه ، والسوم على سومه ، وبخس المكيال والميزان .

                                                                                                                              [ ص: 517 ] (وبها ينصب رايته) إشارة : إلى ثبوته هناك ، واجتماع أعوانه إليه ؛ للتحريش بين الناس ، وحملهم على هذه المفاسد المذكورة ونحوها . فهي موضعه ، وموضع أعوانه . قاله النووي .

                                                                                                                              قلت : والأولى : إجراء هذه اللفظة على ظاهرها ؛ فإنه لا مانع من حملها على الحقيقة ، ولا داعي لها إلى المجاز . ولا ينافي ذلك : عدم رؤيتنا لتلك الراية، كما لا نرى الشياطين . والله أعلم .

                                                                                                                              قال: وأنبئت : أن جبريل ، عليه السلام : أتى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم - وعنده أم سلمة - قال: فجعل يتحدث ، ثم قام . فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأم سلمة : "من هذا؟" - أو كما قال - قالت : هذا دحية الكلبي) بفتح الدال ، وكسرها.

                                                                                                                              (قال: فقالت أم سلمة : ايم الله ! ما حسبته إلا إياه ، حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم : يخبر خبرنا) .

                                                                                                                              قال النووي : هكذا هو في "نسخ بلادنا" . وكذا نقله القاضي عياض عن بعض الرواة والنسخ . وعن بعضهم : "يخبر خبر جبريل" ، قال : وهو الصواب . وقد وقع في البخاري على الصواب.

                                                                                                                              (- أو كما قال . قال : فقلت لأبي عثمان : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أسامة بن زيد) .

                                                                                                                              [ ص: 518 ] فيه : منقبة لأم سلمة ، رضي الله عنها .

                                                                                                                              وفيه : جواز رؤية البشر الملائكة ، ووقوع ذلك . ويرونهم على صورة الآدميين ، لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم على صورهم . وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يرى جبريل على صورة دحية غالبا . ورآه مرتين على صورته الأصلية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية