الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4460 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (باب فضائل خديجة ، رضي الله عنها) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 199 ج15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب وابن نمير قالوا حدثنا ابن فضيل عن عمارة، عن أبي زرعة، قال: سمعت أبا هريرة قال: أتى [ ص: 505 ] جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله! هذه خديجة ، قد أتتك معها إناء فيه إدام -أو طعام. أو شراب-، فإذا هي أتتك: فاقرأ عليها السلام من ربها "عز وجل" ومني. وبشرها: ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. .

                                                                                                                              قال أبو بكر -في روايته-: (عن أبي هريرة) ولم يقل: "سمعت" . ولم يقل في الحديث: "ومني" .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ، رضي الله عنه . قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              وعند الطبراني ، في رواية سعيد بن كثير : أن ذلك كان وهو بحراء.

                                                                                                                              (فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة ، قد أتتك) أي : توجهت إليك (معها إناء فيه إدام) بكسر الهمزة . (أو) قال (طعام) .

                                                                                                                              في رواية الطبراني المذكورة : "أنه كان حيسا" (أو شراب. فإذا هي أتتك) أي : وصلتك ، (فاقرأ) بفتح الراء (عليها السلام) أي سلم عليها (من ربها عز وجل ، ومني) .

                                                                                                                              [ ص: 506 ] وهذا لعمر الله ! خاصة لم تكن لسواها .

                                                                                                                              زاد الطبراني - في روايته المذكورة - : (فقالت : هو السلام ، ومنه السلام . وعلى جبريل السلام) . زاد النسائي - من حديث أنس - :(وعليك ، يا رسول الله! السلام ، ورحمة الله ، وبركاته) فجعلت مكان رد السلام على الله : الثناء عليه تعالى . ثم غايرت بين ما يليق بالله ، وما يليق بغيره . وهذا يدل على وفور فقهها ، كما لا يخفى.

                                                                                                                              (وبشرها ببيت في الجنة ، من قصب) .

                                                                                                                              قال جمهور العلماء : المراد به : "قصب اللؤلؤ" المجوف ، كالقصر المنيف . وقيل: قصب من ذهب ، منظوم بالجوهر .

                                                                                                                              قال أهل اللغة : "القصب من الجوهر" : ما استطال منه في تجويف . قالوا : ويقال لكل مجوف : "قصب" . وقد جاء في الحديث مفرا "ببيت من لؤلؤة محياة" . وفسروه بمجوفة .

                                                                                                                              قال الخطابي ، وغيره : المراد بالبيت هنا : "القصر" .

                                                                                                                              (لا صخب فيه) بفتح الصاد والخاء . وهو الصوت المختلط المرتفع .

                                                                                                                              (ولا نصب) وهو المشقة ، والتعب . ويقال فيه : بضم النون وإسكان الصاد ، وبفتحهما . لغتان . حكاهما عياض وغيره - كالحزن والحزن - .

                                                                                                                              [ ص: 507 ] والفتح أشهر ، وأفصح ، وبه جاء القرآن. وقد "نصب الرجل" بفتح النون ، وكسر الصاد : إذا "أعيى" .

                                                                                                                              وقد أبدى "السهيلي" لنفي هاتين الصفتين حكمة لطيفة ؛ فقال : لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، لما دعا إلى الإيمان : أجابت خديجة "رضي الله عنها" طوعا، - فلم تحوجه إلى رفع الصوت - من غير منازعة ولا تعب ، بل أزالت عنه كل تعب، وآنسته من كل وحشة ، وهونت عليه كل عسير : فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها : بالصفة المقابلة لفعلها ، وصورة حالها . قال : ومن خواصها : أنها لم تسؤه قط ، ولم تغاضبه .

                                                                                                                              قال النووي : وهذه فضائل ظاهرة ، لخديجة ، رضي الله عنها . وهذا الحديث من مراسيل الصحابة ؛ لأن أبا هريرة لم يدرك خديجة ولا أيامها . وهو حجة عند الجماهير . وهو محمول على أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو من صحابي . ولم يذكر أبو هريرة - هنا - سماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية