الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4060 [ ص: 19 ] باب: في السم، وأكل الشاة المسمومة

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب السم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 178 جـ 14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، قال: أو قال: علي، قال: قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس رضي الله عنه: (أن امرأة يهودية، أتت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بشاة مسمومة). وفي رواية أخرى: "جعلت سما في لحم".

                                                                                                                              "والسم": بفتح السين، وضمها، وكسرها. ثلاث لغات.

                                                                                                                              والفتح أفصح. وجمعه: "سمام، وسموم".

                                                                                                                              (فأكل منها. فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت لأقتلك. قال: "ما كان الله ليسلطك على ذاك" - قال: أو قال: "علي" -).

                                                                                                                              [ ص: 20 ] فيه: بيان عصمته، صلى الله عليه وآله وسلم، من الناس كلهم.

                                                                                                                              كما قال سبحانه: والله يعصمك من الناس ).

                                                                                                                              قال النووي: وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ في سلامته من السم المهلك لغيره. وفي إعلام الله تعالى له: بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له. فقد جاء في غير مسلم: أنه صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال: "إن الذراع تخبرني: أنها مسمومة".

                                                                                                                              وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم، اسمها: "زينب بنت الحارث". أخت "مرحب" اليهودي. روينا تسميتها هذه: في مغازي موسى بن عقبة، ودلائل النبوة للبيهقي.

                                                                                                                              (قال: قالوا: ألا نقتلها؟) هي بالنون، في أكثر النسخ. وفي بعضها: بتاء الخطاب.

                                                                                                                              (قال: "لا").

                                                                                                                              قال عياض: اختلف الآثار والعلماء؛ هل قتلها النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أم لا؟ فوقع في صحيح مسلم: "لا". ومثله عن أبي هريرة، وجابر.

                                                                                                                              وعن جابر من رواية أبي سلمة: "أنه صلى الله عليه وآله وسلم: قتلها".

                                                                                                                              [ ص: 21 ] وفي رواية ابن عباس: "أنه صلى الله عليه وآله وسلم: دفعها إلى أولياء "بشر بن البراء بن معرور - وكان أكل منها، فمات بها -: فقتلوها".

                                                                                                                              وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتلها.

                                                                                                                              قال عياض: وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل؛ أنه لم يقتلها أولا، حين اطلع على سمها. وقيل له: اقتلها. فقال: "لا". فلما مات بشر بن البراء من ذلك، سلمها لأوليائه: فقتلوها، قصاصا. فيصح قولهم: "لم يقتلها". أي: في الحال. ويصح قولهم: "قتلها". أي: بعد ذلك. والله أعلم.

                                                                                                                              (قال) أنس رضي الله عنه: (فما زلت أعرفها، في لهوات رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم). بفتح اللام والهاء. جمع "لهاة": بفتح اللام. وهي اللحمة الحمراء، المعلقة في أصل الحنك. قاله الأصمعي. وقيل: اللحمات، اللواتي في سقف أقصى الفم.

                                                                                                                              ومعناه: أعرف العلامة. كأنه بقي للسم: علامة، وأثر، من سواد وغيره.




                                                                                                                              الخدمات العلمية