الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4373 باب في ذكر موسى عليه السلام، وقوله تعالى: فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها

                                                                                                                              وقال النووي: (باب: من فضائل موسى، صلى الله عليه وسلم). انتهى.

                                                                                                                              وهو ابن عمران بن لاهب بن عاذر بن لاوى بن يعقوب.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 126، 127 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن شقيق قال أنبأنا أبو هريرة قال كان موسى عليه السلام رجلا حييا، قال: فكان لا يرى متجردا قال: فقال بنو إسرائيل إنه آدر، قال: فاغتسل عند مويه، فوضع ثوبه على حجر، فانطلق الحجر يسعى، واتبعه بعصاه يضربه: ثوبي حجر ثوبي حجر؛ حتى وقف على ملإ من بني إسرائيل ونزلت يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ].

                                                                                                                              [ ص: 202 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 202 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: كان موسى عليه السلام: رجلا حييا) بفتح الحاء وكسر الياء، وتشديد الياء الثانية. أي: كثير الحياء.

                                                                                                                              (قال: فكان لا يرى متجردا. قال: فقال بنو إسرائيل: إنه آدر) بهمزة ممدودة، ثم دال مفتوحة، ثم راء. وهو عظيم الخصيتين. "والأدرة" بالفتح: نفخ فيها.

                                                                                                                              (قال فاغتسل عند مويه).

                                                                                                                              قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، ومعظم غيرها: بضم الميم، وفتح الواو، وإسكان الياء. وهو تصغير "ماء". وأصله: "موه". والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها. وقال عياض: وفي [ ص: 203 ] معظمها: "مشربة" بفتح الميم، وإسكان الشين. وهي "حفرة" في أصل النخلة، يجمع الماء فيها لسقيها. قال: وأظن الأول تصحيفا.

                                                                                                                              (فوضع ثوبه على حجر، فانطلق الحجر يسعى). أي: ذهب مسرعا، إسراعا بليغا.

                                                                                                                              (واتبعه بعصاه يضربه: ثوبي، حجر! ثوبي، حجر!) أي: دع ثوبي يا حجر.

                                                                                                                              (حتى وقف على ملأ من بني إسرائيل) فرأوه عريانا، أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون.

                                                                                                                              (ونزلت يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ). أي كريما ذا جاه.

                                                                                                                              قال ابن عباس: كان حظيا عند الله، لا يسأل شيئا: إلا أعطاه. وقال الحسن: كان مجاب الدعوة. وقيل كان مجيبا مقبولا.

                                                                                                                              [ ص: 204 ] وروى مسلم هذا الحديث: بطريق آخر مرفوعا مطولا، وفيه تمام هذه القصة.

                                                                                                                              قال النووي: فيه فوائد؛ منها: أن فيه معجزتين ظاهرتين لموسى، عليه السلام.

                                                                                                                              إحداهما: مشي الحجر بثوبه، إلى ملأ بني إسرائيل.

                                                                                                                              والثانية: حصول الندب في الحجر. يعني: في الطريق الأخرى لهذا الحديث. ولفظه: قال أبو هريرة: والله إنه بالحجر ندب: ستة، أو سبعة: ضرب موسى، عليه السلام: بالحجر. انتهى.

                                                                                                                              قلت: فرار الحجر بثوبه، ليس ظاهرا في المعجزة له؛ فتأمل.

                                                                                                                              قال النووي: ومنها: وجود التمييز في الجماد "كالحجر، ونحوه".

                                                                                                                              ومثله: تسليم الحجر بمكة، وحنين الجذع، ونظائره.

                                                                                                                              ومنها: جواز الغسل عريانا في "الخلوة"، وإن كان ستر العورة أفضل. وبهذا قال الشافعي، ومالك، وجماهير العلماء.

                                                                                                                              [ ص: 205 ] وخالفهم "ابن أبي ليلى"، وقال: إن للماء ساكنا. واحتج في ذلك بحديث ضعيف.

                                                                                                                              ومنها: ما ابتلي به الأنبياء، والصالحون: من أذى السفهاء والجهال، وصبرهم عليهم.

                                                                                                                              ومنها: ما قاله القاضي وغيره: إن الأنبياء منزهون عن النقائص في الخلق والخلق. سالمون من العاهات والمعائب. قالوا: ولا التفات إلى ما قاله من لا تحقيق له: من أهل التاريخ، في إضافة بعض العاهات إلى بعضهم. بل نزههم الله تعالى من كل عيب، وكل شيء يبغض العيون، أو ينفر القلوب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية