الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4294 باب: بعد النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: من الآثام، وقيامه لمحارم الله تعالى

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب مباعدته، صلى الله عليه وآله وسلم؛ للآثام، واختياره من المباح: أسهله، وانتقامه لله تعالى، عند انتهاك حرماته).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 83 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة)، رضي الله عنها؛ (زوج النبي، صلى الله عليه وآله (وسلم؛ أنها قالت: ما خير رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بين أمرين، إلا أخذ أيسرهما؛ ما لم يكن إثما. فإن كان إثما؛ كان أبعد الناس منه).

                                                                                                                              [ ص: 32 ] فيه: استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق؛ ما لم يكن حراما، أو مكروها.

                                                                                                                              قال عياض: يحتمل أن يكون تخييره، صلى الله عليه وآله وسلم، هنا: من الله تعالى. فيخيره: فيما فيه عقوبتان. أو فيما بينه وبين الكفار من القتال، وأخذ الجزية. أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة، أو الاقتصار. وكان يختار الأيسر، في كل هذا.

                                                                                                                              قال) وأما قولها: "ما لم يكن إثما"، فيتصور: إذا خيره الكفار، والمنافقون. فأما إن كان التخيير من الله تعالى، أو من المسلمين: فيكون الاستثناء منقطعا.

                                                                                                                              (وما انتقم رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: لنفسه؛ إلا أن تنتهك حرمة الله، عز وجل).

                                                                                                                              وفي رواية: "ما نيل منه شيء قط، فينتقم من صاحبه؛ إلا أن ينتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله عز وجل".

                                                                                                                              معنى "نيل منه": أصيب بأذى؛ من قول، أو فعل.

                                                                                                                              وانتهاك حرمة الله تعالى: هو ارتكاب ما حرمه. والاستثناء منقطع. والمعنى: "لكن إذا انتهكت حرمة الله، انتصر لله تعالى، وانتقم ممن ارتكب ذلك".

                                                                                                                              [ ص: 33 ] وفي هذا الحديث: الحث على العفو والحلم، واحتمال الأذى، والانتصار لدين الله تعالى، ممن فعل محرما أو نحوه.

                                                                                                                              وفيه: أنه يستحب للأئمة، والقضاة، وسائر ولاة الأمور: التخلق بهذا الخلق الكريم، فلا ينتقم لنفسه، ولا يهمل حق الله تعالى.

                                                                                                                              قال عياض: وقد أجمع العلماء، على أن القاضي: لا يقضي لنفسه، ولا لمن لا يجوز شهادته له. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية