الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

في خلافته رضي الله عنه

بويع بالخلافة بعد دفن عمر بثلاث ليال، فروي: أن الناس كانوا يجتمعون في تلك الأيام إلى عبد الرحمن بن عوف يشاورونه ويناجونه، فلا يخلو به رجل ذو رأي.. فيعدل بعثمان أحدا، ولما جلس عبد الرحمن للمبايعة.. حمد الله وأثنى عليه، وقال في كلامه: (إني رأيت الناس يأبون إلا عثمان) أخرجه ابن عساكر عن المسور بن مخرمة.

وفي رواية: (أما بعد: يا علي؛ فإني قد نظرت في الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا، ثم أخذ بيد عثمان فقال: نبايعك على سنة الله، وسنة رسوله، وسنة الخليفتين بعده) فبايعه عبد الرحمن، وبايعه المهاجرون والأنصار.

وأخرج ابن سعد عن أنس قال: (أرسل عمر إلى أبي طلحة الأنصاري قبل أن يموت بساعة فقال: كن في خمسين من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى؛ فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت، فقم على ذلك الباب بأصحابك، فلا تترك أحدا يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم).

[ ص: 267 ] وفي «مسند أحمد» عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: (كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا؟ قال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر؟ فقال: فيما استطعت، ثم عرضت ذلك على عثمان، فقال: نعم).

ويروى: أن عبد الرحمن قال لعثمان خلوة: (إن لم أبايعك.. فمن تشير علي؟ قال: علي، وقال لعلي: إن لم أبايعك.. فمن تشير علي؟ قال: عثمان، ثم دعا الزبير فقال: إن لم أبايعك.. فمن تشير علي؟ قال: علي أو عثمان، ثم دعا سعدا، فقال: إن لم أبايعك.. فمن تشير علي؟ فأما أنا وأنت فلا نريدها، فقال: عثمان، ثم استشار عبد الرحمن الأعيان فرأى هوى أكثرهم في عثمان.

وأخرج ابن سعد والحاكم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال لما بويع عثمان: (أمرنا خير من بقي ولم نأل).

ففي هذه السنة من خلافته: فتحت الري، وكانت فتحت وانتقضت.

وفيها: أصاب الناس رعاف كثير، فقيل لها: سنة الرعاف، وأصاب عثمان رعاف حتى تخلف عن الحج وأوصى.

وفيها: فتح من الروم حصون كثيرة.

[ ص: 268 ] وفيها: ولى عثمان الكوفة سعد بن أبي وقاص، وعزل المغيرة.

وفي سنة خمس وعشرين: عزل عثمان سعدا عن الكوفة، وولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو صحابي، أخو عثمان لأمه، فكان هذا مما نقم عليه؛ لأنه آثر أقاربه بالولايات، وقيل: (إن الوليد صلى بهم الصبح أربعا وهو سكران، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟)

وفي سنة ست وعشرين: زاد عثمان في المسجد الحرام ووسعه، واشترى أماكن للزيادة.

وفيها: فتحت سابور.

وفي سنة سبع وعشرين غزا معاوية قبرس، فركب البحر بالجيوش، وكان معهم عبادة بن الصامت وزوجته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، فصرعت عن بغلتها فماتت شهيدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها بهذا الجيش، ودعا لها بأن تكون منهم، فدفنت بقبرس.

وفيها: فتحت أرجان ودارابجرد.

[ ص: 269 ] وفيها: عزل عثمان عمرو بن العاصي عن مصر، وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فغزا أفريقية، فافتتحها سهلا وجبلا، فأصاب كل إنسان من الجيش ألف دينار، وقيل: ثلاثة آلاف دينار، ثم فتحت الأندلس في هذا العام.

التالي السابق


الخدمات العلمية