الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 712 ] [سبب ظهور التتار]

وسبب ظهورهم: أن إقليم الصين متسع، دوره ستة أشهر، وهو ست ممالك، ولهم ملك حاكم على الممالك الست، وهو القان الأكبر المقيم بطمغاج، وهو كالخليفة للمسلمين.

وكان سلطان أحد الممالك الست وهو: دوش خان، قد تزوج بعمة جنكز خان، فحضر زائرا لعمته وقد مات زوجها وكان قد حضر مع جنكز خان كشلو خان، فأعلمتهما أن الملك لم يخلف ولدا، وأشارت على ابن أخيها أن يقوم مقامه، فقام وانضم إليه خلق من المغول، ثم سير التقادم إلى القان الكبير، فاستشاط غضبا، وأمر بقطع أذناب الخيل التي أهديت وطردها، وقتل الرسل; لكون التتار لم يتقدم لهم سابقة بتملك، إنما هم بادية الصين.

فلما سمع جنكز خان وصاحبه كشلو خان... تحالفا على التعاضد، وأظهرا الخلاف للقان، وأتتهما أمم كثيرة من التتار، وعلم القان قوتهم وشرهم، فأرسل يؤانسهم ويظهر مع ذلك أنه ينذرهم ويهددهم، فلم يغن ذلك شيئا، ثم قصدهم وقصدوه، فوقع بينهم ملحمة عظيمة، فكسروا القان الأعظم، وملكوا بلاده، واستفحل شرهم، واستمر الملك بين جنكز خان وكشلو خان على المشاركة.

ثم سارا إلى بلاد ساقون من نواحي الصين فملكاها، فمات كشلو خان، فقام مقامه ولده، فاستضعفه جنكز خان فوثب عليه وظفر به، واستقل جنكز خان، ودانت له التتار، وانقادت له، واعتقدوا فيه الإلهية، وبالغوا في طاعته.

التالي السابق


الخدمات العلمية