الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[خروج مؤنس الخادم على الخليفة وما جرى بينهما ]

وفي سنة سبع عشرة : خرج مؤنس الخادم الملقب بالمظفر على المقتدر ; لكونه بلغه أنه يريد أن يولي إمرة الأمراء هارون بن غريب مكان مؤنس ، وركب معه سائر الجيش والأمراء والجنود ، وجاؤوا إلى دار الخلافة ، فهربت خواص المقتدر وأخرج المقتدر بعد العشاء - وذلك في ليلة رابع عشر المحرم - من داره ، وأمه ، وخالته وحرمه ونهب لأمه ستمائة ألف دينار .

وأشهد على نفسه بالخلع ، وأحضر محمد بن المعتضد ، وبايعه مؤنس والأمراء ، ولقبوه القاهر بالله ، وفوضت الوزارة إلى أبي علي بن مقلة ، وذلك يوم السبت .

[ ص: 592 ] وجلس القاهر بالله يوم الأحد ، وكتب الوزير عنه إلى البلاد ، وعمل الموكب يوم الاثنين ، فجاء العسكر يطلبون رزق البيعة ورزق سنة ، ولم يكن مؤنس حاضرا ، فارتفعت الأصوات ، فقتلوا الحاجب ومالوا إلى دار مؤنس يطلبون المقتدر; ليردوه إلى الخلافة ، فحملوه على أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة ، وأخذ القاهر ، فجيء به وهو يبكي ويقول : الله الله في نفسي فاستدناه وقبله ، وقال له : (يا أخي; أنت والله لا ذنب لك ، والله لا جرى عليك مني سوء أبدا ، فطب نفسا ) ، وسكن الناس ، وعاد الوزير فكتب إلى الأقاليم بعود الخليفة إلى خلافته ، وبذل المقتدر الأموال في الجند .

التالي السابق


الخدمات العلمية