الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[كتب هولاكو للسلطان الناصر صاحب دمشق ]

ثم أرسل هولاكو إلى الناصر صاحب دمشق كتابا صورته: (يعلم السلطان الملك ناصر طال بقاؤه: أنه لما توجهنا إلى العراق، وخرج إلينا جنودهم فقتلناهم بسيف الله، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدموها، فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوس تستحق الإذلال، وأما ما كان من صاحب البلدة... فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا، فسألناه عن أشياء كذبنا فيها، فاستحق الإعدام، وكان كذبه ظاهرا، ووجدوا ما عملوا حاضرا، أجب ملك البسيطة، ولا تقولن: قلاعي المانعات ورجالي المقاتلات، ولقد بلغنا أن شذرة من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة:


أين المفر ولا مفر لهارب ولنا البسيطان الثرى والماء

فساعة وقوفك على كتابنا.. تجعل قلاع الشام سماءها أرضا، وطولها عرضا، والسلام.

ثم أرسل له كتابا ثانيا يقول فيه: (خدمة ملك ناصر طال عمره:

أما بعد: فإنا فتحنا بغداد، واستأصلنا ملكها وملكها، وكان ظن وقد ضن بالأموال، ولم ينافس في الرجال: أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذكره ونما قدره، فخسف في الكمال بدره:


إذا تم أمر بدا نقصه     توقع زوالا إذا قيل تم

ونحن في طلب الازدياد على ممر الآباد، فلا تكن كالذين نسوا الله فأنساهم [ ص: 719 ] أنفسهم، وأبد ما في نفسك: إما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، أجب دعوة ملك البسيطة... تأمن شره وتنال بره، واسع إليه برجالك وأموالك ، ولا تعوق رسولنا، والسلام).

ثم أرسل إليه كتابا ثالثا يقول فيه:

( أما بعد: فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممن عتا وتجبر، وطغى وتكبر، وبأمر الله ما ائتمر، إن عوتب... تنمر، وإن روجع... استمر، ونحن قد أهلكنا البلاد وأبدنا العباد، وقتلنا النسوان والأولاد، فيا أيها الباقون; أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيها الغافلون; أنتم إليهم تساقون، ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش الملكة، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أين المفر؟!


أين المفر ولا مفر لهارب     ولنا البسيطان الثرى والماء
ذلت لهيبتنا الأسود وأصبحت     في قبضتي الأمراء والخلفاء

ونحن إليكم صائرون، ولكم الهرب، وعلينا الطلب:


ستعلم ليلى أي دين تداينت     وأي غريم بالتقاضي غريمها

دمرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب، وجعلنا عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا، تحسبون أنكم منا ناجون أو متخلصون، وعن قليل سوف تعلمون على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر.

التالي السابق


الخدمات العلمية