الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[خذلان أهل العراق واستشهاد سيدنا الحسين رضي الله عنه]

وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج من مكة متوجها إلى العراق في عشر ذي الحجة ومعه طائفة من آل بيته رجالا ونساء وصبيانا، فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله، فوجه إليه جيشا أربعة آلاف عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فخذله أهل الكوفة كما هو شأنهم مع أبيه من قبله، فلما أرهقه السلاح... عرض عليهم الاستسلام والرجوع، أو المضي إلى يزيد، فيضع يده في يده، فأبوا إلا قتله، فقتل وجيء برأسه في طست، حتى وضع بين يدي ابن زياد، لعن الله قاتله وابن زياد معه ويزيد أيضا.

وكان قتله بكربلاء، وفي قتله قصة فيها طول لا يحتمل القلب ذكرها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقتل معه ستة عشر رجلا من آل بيته.

ولما قتل الحسين ... مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضا.

وكان قتله يوم عاشوراء، [ قتل بكربلاء، وتعرف أيضا بالطف، قتله سنان بن أنس النخعي، وهو جد شريك القاضي، ويقال: بل قتله رجل من مذحج، وقيل: بل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، جز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد، وقال:

أوقر ركابي فضة أو ذهبا إني قتلت الملك المحجبا [ ص: 342 ]     قتلت خير الناس أما وأبا
وخيرهم إذ ينسبون نسبا

وقال يحيى بن معين: (أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين عمر بن سعد بن أبي وقاص، قال يحيى: كان إبراهيم بن سعد يروي فيه حديثا أنه لم يقتله عمرو بن سعد).

قال أبو عمر بن عبد البر: (إنما ينسب قتل الحسين إلى عمر بن سعد؛ لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد إلى قتال الحسين، وأمر عليهم عمر بن سعد، ووعده أن يوليه إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل - والله أعلم - قوم من بني مضر من اليمن، والله أعلم) ].

وكسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله، ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله.

وقيل: إنه لم يقلب حجر ببيت المقدس يومئذ... إلا وجد تحته دم عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رمادا، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره.

التالي السابق


الخدمات العلمية