الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[قصة صاحب الحرس مع سيدنا عمر بن عبد العزيز]

وقال يحيى الغساني: (كان عمر ينهى سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية، ويقول: ضمنهم الحبس حتى يحدثوا توبة، فأتى سليمان بحروري، فقال له سليمان: هيه، فقال الحروري: وماذا أقول؟ يا فاسق ابن الفاسق، فقال سليمان: علي بعمر بن عبد العزيز.

فلما جاء.. قال: اسمع مقالة هذا، فأعادها الحروري، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه؟ فسكت، قال: عزمت عليك؛ لتخبرني ماذا ترى عليه؟ قال: أرى عليه أن تشتمه كما شتمك، قال: ليس إلا [ذا]؟! فأمر به سليمان فضربت عنقه، وخرج عمر، فأدركه خالد صاحب الحرس، فقال: يا عمر؛ كيف تقول لأمير المؤمنين: ما أرى عليه إلا أن تشتمه كما شتمك؟! والله؛ لقد كنت متوقعا أن يأمرني بضرب عنقك.

قال: ولو أمرك... فعلت؟ قال: إي والله.

فلما أفضت الخلافة إلى عمر ... جاء خالد فقام مقام صاحب الحرس، فقال عمر: يا خالد؛ ضع هذا السيف عنك، وقال: اللهم؛ إني قد وضعت لك خالدا فلا ترفعه أبدا، ثم نظر في وجوه الحرس، فدعا عمرو بن مهاجر الأنصاري، وقال: يا عمرو، والله لتعلمن أن، ما بيني وبينك قرابة إلا قرابة الإسلام؛ ولكن سمعتك تكثر تلاوة القرآن، ورأيتك تصلي في موضع تظن ألا يراك أحد، فرأيتك تحسن الصلاة، وأنت رجل من الأنصار، خذ هذا السيف؛ فقد وليتك حرسي).

وقال شعيب: (حدثت أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دخل على [ ص: 391 ] أبيه، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ما أنت قائل لربك غدا إذا سألك؟ فقال: رأيت بدعة فلم تمتها، أو سنة فلم تحيها؟ فقال له أبوه: رحمك الله وجزاك من ولد خيرا، يا بني؛ إن قومك قد شدوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى أردت مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم... لم آمن أن يفتقوا علي فتقا يكثر فيه الدماء، والله؛ لزوال الدنيا أهون علي من أن يراق في سببي محجمة من دم، أو ما ترضى ألا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا... إلا وهو يميت فيه بدعة، ويحيي فيه سنة؟!)

وقال معمر: (قال عمر بن عبد العزيز: قد أفلح من عصم من المراء والغضب والطمع).

وقال أرطاة بن المنذر: (قيل لعمر بن عبد العزيز: لو اتخذت حرسا، واحترزت في طعامك وشرابك؟ فقال: اللهم؛ إن كنت تعلم أني أخاف شيئا دون يوم القيامة... فلا تؤمن خوفي).

التالي السابق


الخدمات العلمية