الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 581 ] خلافة المكتفي بالله

[289 - 295 هـ ]

أبو محمد علي بن المعتضد ، ولد في غرة ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين ، وأمه تركية ، اسمها جيجك ، وكان يضرب بحسنه المثل ، حتى قال بعضهم :


قايست بين جمالها وفعالها فإذا الملاحة بالخيانة لا تفي     والله لا كلمتها ، ولو أنها
كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي

وعهد له أبوه ، فبويع في مرضه يوم الجمعة بعد العصر لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر ، سنة تسع وثمانين .

قال الصولي : (وليس في الخلفاء من اسمه علي إلا هو وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ولا من يكنى أبا محمد سوى الحسن بن علي ، والهادي ، والمكتفي ) .

ولما بويع له عند موت أبيه . . . كان غائبا بالرقة ، فنهض بأعباء البيعة الوزير أبو الحسين القاسم بن عبيد الله ، وكتب له فوافى بغداد في سابع جمادى الأولى ، ومر بدجلة في سمارية ، وكان يوما عظيما ، وسقط أبو عمر القاضي من الزحمة في الجسر ، وأخرج سالما .

ونزل المكتفي بدار الخلافة ، وقالت الشعراء ، وخلع على القاسم الوزير سبع [ ص: 582 ] خلع ، وهدم المطامير التي اتخذها أبوه وصيرها مساجد ، وأمر برد البساتين والحوانيت التي أخذها أبوه من الناس; ليعملها قصرا إلى أهلها ، وسار سيرة جميلة ، فأحبه الناس ودعوا له .

وفي هذه السنة : زلزلت بغداد زلزلة عظيمة دامت أياما .

وفيها : هبت ريح عظيمة بالبصرة قلعت عامة نخلها ، ولم يسمع بمثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية