الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

[في مبايعته رضي الله عنه

قال ابن سعد: بويع علي بالخلافة الغد من قتل عثمان بالمدينة، فبايعه جميع من كان بها من الصحابة - رضي الله عنهم - ويقال: إن طلحة والزبير بايعا كارهين [ ص: 294 ] غير طائعين، ثم خرجا إلى مكة وعائشة - رضي الله عنها - بها، فأخذاها وخرجا إلى البصرة يطلبون بدم عثمان.

وبلغ ذلك عليا، فخرج إلى العراق، فلقي بالبصرة طلحة والزبير وعائشة ومن معهم، وهي وقعة الجمل، وكانت في جمادى الآخرة، سنة ست وثلاثين، وقتل بها طلحة والزبير وغيرهما، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفا، وأقام علي بالبصرة خمس عشرة ليلة، ثم انصرف إلى الكوفة.

ثم خرج عليه معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام، فبلغ عليا فسار إليه، فالتقوا بصفين، في صفر، سنة سبع وثلاثين، ودام القتال بها أياما، فرفع أهل الشام المصاحف، يدعون إلى ما فيها مكيدة من عمرو بن العاصي، فكره الناس الحرب، وتداعوا إلى الصلح، وحكموا الحكمين، فحكم علي: أبا موسى الأشعري، وحكم معاوية: عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا رأس الحول بأذرح، فينظروا في أمر الأمة.

فافترق الناس، ورجع معاوية إلى الشام، وعلي إلى الكوفة، فخرجت عليه الخوارج من أصحابه ومن كان معه وقالوا: لا حكم إلا لله، وعسكروا بحروراء، فبعث إليهم ابن عباس، فخاصمهم وحجهم، فرجع منهم قوم كثير، وثبت قوم، وساروا إلى النهروان فعرضوا للسبيل، فسار إليهم علي، فقتلهم بالنهروان، وقتل منهم ذا الثدية، وذلك سنة ثمان وثلاثين.

واجتمع الناس بأذرح في شعبان من هذه السنة، وحضرها سعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما من الصحابة، فقدم عمرو أبا موسى الأشعري مكيدة منه، فتكلم فخلع عليا، وتكلم عمرو فأقر معاوية وبايع له، فتفرق الناس على هذا.

وصار علي في خلاف مع أصحابه حتى صار يعض على أصبعه، ويقول: (أعصى ويطاع معاوية؟!)

التالي السابق


الخدمات العلمية