الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن قال لعبده إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فالأيام الكثيرة عند أبي حنيفة رحمه الله عشرة أيام ) لأنه أكثر ما يتناوله اسم الأيام ، وقالا : سبعة أيام لأن ما زاد عليها تكرار . وقيل لو كان اليمين بالفارسية ينصرف إلى سبعة أيام لأنه يذكر فيها بلفظ الفرد دون الجمع .

التالي السابق


( قوله ومن قال لعبده إن خدمتني أياما كثيرة فأنت حر فالأيام الكثيرة عند أبي حنيفة عشرة أيام لأنه أكثر ما تناوله اسم الأيام ) على اليقين على ما تقدم ( وقالا : سبعة أيام لأن ما زاد عليها تكرار ) وقد يقال قد تقدم في قضاء الفوائت أن الكثرة بالدخول [ ص: 160 ] في حد التكرار ، ومقتضاه إن نظر إلى الكثرة بهذا المعنى هنا أن لا يحنث إلا بثمانية أيام ، وإنما لم ينظر إلى الكثرة من جهة العرف لأن العرف مختلف ، فربما يقال في السبعة كثيرة وربما يقال قليلة ، وكذا العشرة والعشرون فإنه يقال باعتبارات ونسب لم تنضبط . وصورة المسألة أن لا نية للقائل في مقدار الكثير ، ففرع كل على أصله . ثم قال أبو اليسر : أما بلساننا فلا يجيء هذا الاختلاف بل يصرف إلى أيام الجمعة بالاتفاق ، حتى لو قال لعبده اكرخدمت كنى مراروزهاي بسيار توازاذي إذا خدم سبعة أيام يعتق لأن في لساننا تستعمل مع جميع الأعداد لفظة روز فلا يجيء ما قال أبو حنيفة من انتهاء الأيام إلى العشرة ، وهذا حسن والله أعلم .

[ فروع ]

قال أول يوم من هذا الشهر فهو على السادس عشر منه ، وآخر يوم من أول هذا الشهر يقع على الخامس عشر منه ، وجمع وسنون منكر يقع على ثلاث بالاتفاق .

ولو حلف ليفعلن كذا عند رأس الشهر أو عند رأس الهلال أو إذا أهل الهلال ولا نية له فله الليلة التي يهل فيها ويومها ، وإن نوى الساعة التي أهل فيها صحت نيته لأنه حقيقة كلامه وفيه تغليظ عليه . ولو قال أول الشهر ولا نية له فله من اليوم الأول إلى خامس عشره ، وإن قال آخر الشهر فمن سادس عشره إلى آخره ، أو غرة الشهر فالليلة الأولى واليوم الأول في العرف ، وإن كان في اللغة للأيام الثلاثة أو سلخ الشهر فالتاسع والعشرون ، وإن قال صلاة الظهر فله وقت الظهر كله ، وعند طلوع الشمس له من حين تبدو إلى أن تبيض ، وإن قال وقت الضحوة فمن حين تبيض إلى أن تزول ، ففي أي وقت فيما بين ذلك فعل بر ، وإن قال المساء فقد تقدم أن المساء مساءان ، ولو قال في الشتاء ونحوه فعن محمد إن كان عندهم حساب يعرفون به الشتاء والربيع والصيف والخريف فهو على حسابهم ، وإن لم يكن فالشتاء ما يشتد فيه البرد على الدوام ، والصيف ما يشتد فيه الحر على الدوام ; فعلى هذا القياس : الخريف ما ينكسر فيه الحر على الدوام ، والربيع ما ينكسر فيه البرد على الدوام .

وقال أبو الليث : قال محمد : ليس عندنا شيء في معرفة الصيف ، إنما يرجع فيه إلى قول الناس ، فإذا قالوا بأجمعهم ذهب الشتاء والصيف فهو كذلك يعتبر العرف في هذه المسائل .

وفي الواقعات والمختار أنه إذا كان الحالف في بلد لهم حساب يعرفون به الصيف والشتاء مستمرا ينصرف إليه ، وإلا فأول الشتاء ما يلبس الناس فيه الحشو والفرو ، وآخره ما يستغني الناس فيه عنهما ، والفاصل بين الشتاء والصيف إذا استثقل ثياب الشتاء واستخف ثياب الصيف ، والربيع من آخر الشتاء إلى أول الصيف ، والخريف من آخر الصيف إلى أول الشتاء لأن معرفة هذا أيسر للناس . وقيل إذا كان على الأشجار أوراق وثمار فهو صيف ، وإذا بقي الأوراق دون [ ص: 161 ] الثمار فخريف ، وإذا لم يبق عليها أوراق فالشتاء ، وإذا خرجت الأوراق دون الثمار فالربيع وهو إذا خرجت الأزهار .

ولو قال إلى وقوع الثلج أراد وقت وقوعه فعلى ذلك وهو الشهر الذي يقال له بالفارسية أذار ، فإن لم يكن له نية أو نوى حقيقة وقوعه فعلى حقيقة الوقوع وهو الشهر الذي يحتاج فيه إلى كنسه لا يعتبر ما يطير في الهواء وما لا يستبين على وجه الأرض . ولو وقع الثلج في بلد غير بلد الحالف لا يعتبر بل المعتبر وقوعه في بلدته حتى لو كان الحالف في بلدة لا يقع بها ثلج تأبدت اليمين . ولو قال إلى قدوم الحاج فقدم واحد منهم انتهت اليمين ، ولو ذكر ليلة القدر فإن كان لا يعرف اختلاف العلماء فيها ، فعلى السابعة والعشرين من شهر رمضان ، وبه أخذ الفقيه أبو الليث ، وإن كان لا يعرف لا ينصرف إليها ، والخلاف فيه معروف بين علمائنا ، فإن كان حلف في أثناء الشهر لا يحنث عند هما حتى يجيء مثله من رمضان القابل ، وعند أبي حنيفة حتى يمضي كل رمضان القابل وعليه الفتوى وهذا بناء على أنها في رمضان عند الكل لكنه يقول تتقدم وتتأخر ، وعندهما في ليلة بعينها لا تتقدم ولا تتأخر لكن لا تعرف .




الخدمات العلمية