الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (35) قوله : من ثمره : قيل : الضمير عائد على النخيل ; لأنه أقرب مذكور ، وكان من حق الضمير أن يثنى على هذا لتقدم شيئين : وهما الأعناب والنخيل ، إلا أنه اكتفى بذكر أحدهما . وقيل : يعود على جنات ، وعاد بلفظ المفرد ذهابا بالضمير مذهب اسم الإشارة وهو كقول رؤبة :


                                                                                                                                                                                                                                      3785 - فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق



                                                                                                                                                                                                                                      فقيل له . فقال : أردت : كأن ذاك ويلك . وقيل : عائد على الماء المدلول عليه بـ عيون . وقيل : بل عاد عليه لأنه مقدر أي : من العيون . ويجوز أن يعود على العيون . ويعتذر عن إفراده بما تقدم في عوده على جنات . ويجوز أن يعود على الأعناب والنخيل معا ، ويعتذر عنه بما تقدم أيضا . وقال الزمخشري : " وأصله : من ثمرنا ، لقوله : " وفجرنا " و " جعلنا " فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة على طريقة الالتفات ، والمعنى : ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر " . قلت : فعلى هذا يكون الضمير عائدا على الله تعالى ، ولذلك فسر معناه [ ص: 268 ] بما ذكر . وقد تقدم قراءات في هذه اللفظة في سورة الأنعام وما قيل فيها بحمد الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وما عملته أيديهم في " ما " هذه أربعة أوجه ، أحدها : أنها موصولة أي : ومن الذي عملته أيديهم من الغرس والمعالجة . وفيه تجوز على هذا . والثاني : أنها نافية أي : لم يعملوه هم ، بل الفاعل له هو الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأخوان وأبو بكر بحذف الهاء والباقون " وما عملته " بإثباتها . فإن كانت " ما " موصولة فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر حذف العائد كما حذف في قوله : أهذا الذي بعث الله رسولا بالإجماع . وعلى قراءة غيرهم جيء به على الأصل . وإن كانت نافية فعلى قراءة الأخوين وأبي بكر لا ضمير مقدر ، ولكن المفعول محذوف أي : ما عملت أيديهم شيئا من ذلك ، وعلى قراءة غيرهم الضمير يعود على " ثمره " وهي مرسومة بالهاء في غير مصاحف الكوفة ، وبحذفها فيما عداها . والأخوان وأبو بكر وافقوا مصاحفهم ، والباقون - غير حفص - وافقوها أيضا ، وجعفر خالف مصحفه ، وهذا يدل على أن القراءة متلقاة من أفواه الرجال ، فيكون عاصم قد أقرأها لأبي بكر بالهاء ولحفص بدونها .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنها نكرة موصوفة ، والكلام فيها كالذي في الموصولة . والرابع : [ ص: 269 ] أنها مصدرية أي : ومن عمل أيديهم . والمصدر واقع موقع المفعول به ، فيعود المعنى إلى معنى الموصولة أو الموصوفة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية