الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (50) قوله : جنات عدن : العامة على نصب " جنات " بدلا من " حسن مآب " سواء كانت جنات عدن معرفة أم نكرة ; لأن المعرفة تبدل من النكرة وبالعكس . ويجوز أن تكون عطف بيان إن كانت نكرة ولا يجوز ذلك فيها إن كانت معرفة . وقد جوز الزمخشري ذلك بعد حكمه واستدلاله على أنها معرفة ، وهذا كما تقدم له في مواضع يجيز عطف البيان ، وإن تخالفا تعريفا وتنكيرا وقد تقدم هذا عند قوله تعالى : فيه آيات بينات مقام إبراهيم ويجوز [ ص: 385 ] أن تنتصب " جنات عدن " بإضمار فعل . و " مفتحة " حال من " جنات عدن " أو نعت لها إن كانت نكرة . وقال الزمخشري : " حال . والعامل فيها ما في " للمتقين " من معنى الفعل " انتهى . وقد علل أبو البقاء بعلة في قوله : " متكئين " تقتضي منع " مفتحة " أن تكون حالا ، وإن كانت العلة غير صحيحة . وقال : " ولا يجوز أن يكون " متكئين " حالا من " للمتقين " لأنه قد أخبر عنهم قبل الحال " وهذه العلة موجودة في جعل " مفتحة " حالا من " للمتقين " كما ذكره الزمخشري . إلا أن هذه العلة ليست صحيحة وهو نظير قولك : " إن لهند مالا قائمة " . وأيضا في عبارته تجوز : فإن " للمتقين " لم يخبر عنهم صناعة إنما أخبر عنهم معنى ، وإلا فقد أخبر عن " حسن مآب " بأنه لهم . وجعل الحوفي العامل مقدرا أي : يدخلونها مفتحة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " الأبواب " في ارتفاعها وجهان ، أحدهما : - وهو المشهور عند الناس - أنها مرتفعة باسم المفعول كقوله : وفتحت أبوابها . واعترض على هذا بأن " مفتحة " : إما حال ، وإما نعت لـ " جنات " ، وعلى التقديرين فلا رابط وأجيب بوجهين ، أحدهما : قول البصريين : وهو أن ثم ضميرا مقدرا تقديره : الأبواب منها . والثاني : أن أل قامت مقام الضمير ; إذ الأصل : أبوابها . وهو قول الكوفيين وتقدم تحقيق هذا . والوجهان جاريان في قوله : فإن [ ص: 386 ] الجنة هي المأوى . الثاني : أنها مرتفعة على البدل من الضمير في " مفتحة " العائد على " جنات " وهو قول الفارسي ، لما رأى خلوها من الرابط لفظا ادعى ذلك . واعترض على هذا : بأن من بدل البعض أو الاشتمال ، وكلاهما لا بد فيهما من ضمير فيضطر إلى تقديره كما تقدم . ورجح بعضهم الأول : بأن فيه إضمارا واحدا ، وفي هذا إضماران وتبعه الزمخشري فقال : " والأبواب بدل من الضمير في " مفتحة " أي : مفتحة هي الأبواب كقولك : ضرب زيد اليد والرجل ، وهو من بدل الاشتمال " فقوله : " بدل الاشتمال " إنما يعني به الأبواب ، لأن الأبواب قد يقال : إنها ليست بعض الجنات ، و " أما ضرب زيد اليد والرجل " فهو بعض من كل ليس إلا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ زيد بن علي وأبو حيوة جنات عدن مفتحة برفعهما : إما على أنهما جملة من مبتدأ وخبر ، وإما على أن كل واحدة خبر مبتدأ مضمر أي : هي جنات ، هي مفتحة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية