الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهو نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم

التالي السابق


(وهو نوع يستفاد بخواص الجواهر وبأمور حسابية في مطالع النجوم) .

اعلم أن السحر هو علم يبحث فيه عن معرفة الكواكب، وأحوال الأوضاع وارتباط كل منها بأمور أرضية، وعن معرفة المواليد والبروج والمنازل ومقادير سير القمر، في كل منها دائرة يكون منها على وجه خاص ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج، فيظهر من بين ذلك أفعال غريبة وأسرار عجيبة تخفى عللها وأسبابها على ذوي العقول بتركيب الساحر لها في أوقات مناسبة للأوضاع الفلكية مع مقارنة الكواكب وتوافق المواليد الثلاث، فيظهر عند ذلك ما خفي سببه مع أوضاع عجيبة بكيفية غريبة تحير العقول، وتعجز عن حل خفاياها أفكار الفحول، وقال الحراقي: هو قلب الحواس في مدركاتها عن الوجه المعتاد لها في صحتها من سبب باطن لا يثبت مع ذكر الله عليه، وقال السعد في حاشية الكشاف: هو مزاولة النفس الخبيثة لأقوال وأفعال يترتب عليها أمور خارقة للعادة .

وقال التاج السبكي: السحر والكهانة والتنجيم والسيمياء من واد واحد، وقال المجريطي في كتابه غاية الحكيم: وأحق النتيجتين بالتقديم ما نصه: السحر حقيقة على الإطلاق كل ما سحر العقول وانقادت إليه النفوس [ ص: 218 ] من جميع الأقوال والأعمال وهو ما يصعب على العقل إدراكه وتستر عن الفهم أشباهه، وذلك أنه قوة إلهية بأسباب متقدمة موضوعة لإدراكه، وهو علم غامض، ومنه أيضا عملي موضوعه روح في روح وهذا هو الترنج والتخيل، كما أن موضوع الطلسم روح في جسد وموضوع الكيمياء روح في جسد فبالجملة السحر، هو ما خفي على عقول الأكثر سببه وضعف استنباطه، وحقيقة الطلسم أن يتطوس اسمه وهو المسلط؛ لأنه من جوهر القمر وفي التسليط يفعل فيما له ركب فعل غلبة وقهر بنسب عددية وأسرار ملكية موضوعة وأجساد مخصوصة في أزمنة موافقة وبخورات مقويات جالبات لروحانيات ذلك الطلسم فحاله كحال الإكسير الذي يحيل الأجساد إلى نفسه ويقهرها إذ هو خمير .

ثم قال: اعلم أن السحر على قسمين: علمي وعملي، فالعلمي هو معرفة مواضع الكواكب الثابتة إذ موضوعها محل الصور، وكيفية إلقاء أشعتها على السيارة وهيئات بنسب الفلك عند طلب كون المراد، وتحت هذا جميع ما وضعته الأوائل من الاختيارات والطلسمات، والعملي: هو الموقوف على المولدات الثلاث، وما أثبتت فيها من قوى الكواكب السيارة وهي المعبر عنها بالخواص عند القائلين بها ولا يعلمون لها علة ولا حقيقة إلى كشف سر الأوائل ثم مزاج بعضها مع بعض بالعمل ويتوخى بها حرارة عنصرته فذلك قبيل الدخنات كي يستعان بالقوى الكاملة على الناقصة أو يتوخى بها حرارة طبيعية فذلك قسم المطعومات، وما كان لا يتعدى بهما وقد يستعان إلا بالنفس الإنسانية أو الحيوانية والحيل المسماة نيرنجات أحسن أنواع السحر العملي، ثم قال ولم يكن للحكماء قدرة على هذا العلم إلا بمعرفة علم الفلك. اهـ .




الخدمات العلمية