الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الذي روي الحث عليه في حديث أبي ذر رضي الله عنه حيث قال حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة ، وحضور مجلس علم أفضل من عيادة ألف مريض ، وحضور مجلس علم أفضل من شهود ألف جنازة فقيل : يا رسول الله ومن قراءة القرآن ، قال : وهل تنفع قراءة القرآن إلا بالعلم وقال عطاء رحمه الله مجلس ذكر يكفر سبعين مجلسا من مجالس اللهو فقد اتخذ المزخرفون هذه الأحاديث حجة على تزكية أنفسهم ونقلوا اسم التذكير إلى خرافاتهم وذهلوا عن طريق الذكر المحمود واشتغلوا بالقصص التي تتطرق إليها الاختلافات والزيادة والنقص وتخرج عن القصص الواردة في القرآن وتزيد عليها فإن من القصص ما ينفع سماعه

التالي السابق


وقوله (الذي ورد الحث عليه في حديث أبي ذر) جندب بن جنادة الغفاري -رضي الله عنه- (حيث قال حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة، وحضور مجلس علم أفضل من عيادة ألف مريض، وحضور مجلس علم أفضل من شهود ألف جنازة قيل: يا رسول الله ومن قراءة القرآن، قال: وهل تنفع قراءة القرآن إلا بالعلم) هذا الحديث قد تقدم في أول الكتاب أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق عبيدة السلماني عن عمر وتقدم الكلام عليه والذي روي عن أبي ذر بمعناه، ولفظه: يا أبا ذر، لأن تغدو لتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة. الحديث. هكذا أخرجه السيوطي في الجامع الكبير، وفي الذيل على الصغير من طريق ابن ماجه، والحاكم في التاريخ، وقال ابن القيم وذكر ابن عبد البر عن معاذ مرفوعا: لأن تغدو فتعلم بابا من أبواب العلم خير لك من أن تصلي مائة ركعة، وهذا لا يثبت رفعه ولكن المصنف تابع في أكثر ما يورده من الأحاديث صاحب القوت، فإنه هكذا أخرجه في كتابه، فقال: وقد روينا حديث أبي ذر فذكره وفي كتاب الإيمان من موضوعات السيوطي قال الذهبي في الميزان الجويباري ممن يضرب به المثل بكذبه، ومن طاماته عن إسحاق بن نجيح الكذاب عن هشام بن حسان عن رجالة: حضور مجلس علم خير من حضور ألف جنازة ومن ألف ركعة ومن ألف حجة ومن ألف غزوة. اهـ .

قلت: وأخرجه سعيد بن منصور في سننه وابن أبي داود في المصاحف وأبو طالب المكي في القوت من طريق عون بن موسى عن معاوية بن قرة قال: سألت الحسن أعود مريضا أحب إليك أو أجلس إلى قاص فقال عد مريضك قلت: أشيع جنازة أحب إليك أو أجلس إلى قاص، فقال: شيع جنازتك قلت: وإن استعان بي رجل على حاجة أعينه أو أجلس إلى قاص قال اذهب في حاجتك حتى جعله خيرا من مجالس الفراغ. قال صاحب القوت: فلو كانت مجالس الذكر عندهم هي مجالس القصاص وكان القصص هو الذكر لما وسع الحسن أن يثبط عنه ولا يؤثر عليه كثيرا من الأعمال لأن الذاكرين لله تعالى في أرفع مقام وحضور مجالس الذكر من مزيد الإيمان ثم قال: (وقال) بعض السلف حضور مجلس ذكر يكفر عشر مجالس من مجالس الباطل، وأما (عطاء) فقال: (مجلس ذكر يكفر سبعين مجلسا من مجالس اللهو) وقد تقدم كلام هذا في أول الكتاب (فقد اتخذ المزخرفون هذه الأحاديث) الواردة في فضل الذكر وأهله ومجالسه (حجة على تزكية أنفسهم) وتطهيرها عن أن يتطرق إليها الوصم (ونقلوا اسم التذكير إلى خرافاتهم) التي يذكرونها والخرافات هي الأباطيل من الأحاديث (وذهلوا) أي: غفلوا ( عن طريق الذكر المحمود) وفي بعض النسخ: المقصود (واشتغلوا بالقصص) والحكايات عن الأمم السالفة (التي [ ص: 245 ] يتطرق إليها الاختلاق والزيادة والنقصان) فإن مثل ذلك مما يندر صحته خصوصا ما ينقل عن بني إسرائيل وفي قصة داود ويوسف من المحال الذي ينزه عنه الأنبياء بحيث إذا سمعه الجاهل هانت عنده المعاصي (وتخرج عن القصص الواردة في القرآن وتزيد عليها فإن من القصص ما ينفع سماعه) ، وأخرج الخطيب البغدادي عن حنبل بن إسحاق، قال: قلت لعمي في القصاص فقال القصاص الذين يذكرون الجنة والنار والتخويف ولهم نية وصدق الحديث فأما هؤلاء الذين أحدثوا وضع الأخبار والأحاديث الموضوعة فلا أراه .




الخدمات العلمية