الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (33) قوله تعالى: ما ظهر منها وما بطن : تقدم في آخر السورة قبلها. وقوله: "والإثم" الظاهر أنها الذنب. وقيل: هو الخمر هنا، قاله الفضل وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      2187 - نهانا رسول الله أن نقرب الزنى وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشد الأصمعي:


                                                                                                                                                                                                                                      2188 - ورحت حزينا ذاهل العقل بعدهم     كأني شربت الإثم أو مسني خبل



                                                                                                                                                                                                                                      قال: وقد تسمى الخمر إثما، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      2189 - شربت الإثم حتى ضل عقلي     كذاك الإثم يذهب بالعقول



                                                                                                                                                                                                                                      ويروى عن ابن عباس والحسن البصري أنهما قالا: "الإثم: الخمر". قال الحسن: وتصديق ذلك قوله: قل فيهما إثم كبير ، والذي قاله الحذاق: إن الإثم ليس من أسماء الخمر. قال ابن الأنباري: الإثم لا يكون اسما للخمر; لأن العرب لم تسم الخمر إثما في جاهلية ولا إسلام، وقول ابن عباس والحسن لا ينافي ذلك؛ لأن الخمر سبب الإثم بل هي معظمه فإنها مؤججة للفتن، وكيف يكون ذلك وكانت الخمر حين نزول هذه السورة [ ص: 307 ] حلالا; لأن هذه السورة مكية، وتحريم الخمر إنما كان في المدينة بعد أحد، وقد شربها جماعة من الصحابة يوم أحد فماتوا شهداء وهي في أجوافهم. وأما ما أنشده الأصمعي من قوله " شربت الإثم " فقد نصوا أنه مصنوع، وأما غيره فالله أعلم.

                                                                                                                                                                                                                                      و بغير الحق حال، وهي مؤكدة لأن البغي لا يكون إلا بغير حق و "أن تشركوا" منصوب المحل نسقا على مفعول "حرم" أي: وحرم إشراككم عليكم، ومفعول الإشراك ما لم ينزل به سلطانا وقد تقدم بيانه في الأنعام. وأن تقولوا أيضا نسق على ما قبله أي: وحرم قولكم عليه من غير علم. وقال الزمخشري: "ما لم ينزل به سلطانا: تهكم بهم لأنه لا يجوز أن ينزل برهانا أن يشرك به غيره".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية