الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 352 ] آ. (58) والبلد يطلق على كل جزء من الأرض عامرا كان أو خرابا، وأنشدوا على ذلك قول الأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      2221 - وبلدة مثل ظهر الترس موحشة للجن بالليل في حافاتها زجل



                                                                                                                                                                                                                                      و بإذن ربه يجوز أن تكون الباء سببية أو حالية. وقوله: "إلا نكدا" فيه وجهان أحدهما: أن ينتصب حالا أي عسرا مبطئا. يقال منه نكد ينكد نكدا بالفتح فهو نكد بالكسر. والثاني: أن ينتصب على أنه نعت مصدر محذوف أي: إلا خروجا نكدا. وصف الخروج بالنكد كما يوصف به غيره، ويؤيده قراءة أبي جعفر بن القعقاع "إلا نكدا" بفتح الكاف. قال الزجاج: "وهي قراءة أهل المدينة" وقراءة ابن مصرف "إلا نكدا" بالسكون وهما مصدران. وقال مكي: "هو تخفيف نكد بالكسر مثل كتف في كتف"، يقال: رجل نكد وأنكد. والمنكود: العطاء النزر، وأنشدوا في ذلك:


                                                                                                                                                                                                                                      2222 - وأعط ما أعطيته طيبا     لا خير في المنكود والناكد



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشدوا أيضا:


                                                                                                                                                                                                                                      2223 - لا تنجز الوعد إن وعدت وإن     أعطيت أعطيت تافها نكدا



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كذلك نصرف كما تقدم في نظيره. وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر: "يخرج" مبنيا للمفعول. "نباته" مرفوعا لقيامه مقام [ ص: 353 ] الفاعل وهو الله تعالى. وقوله: والذي خبث صفة لموصوف محذوف أي: والبلد الذي خبث، وإنما حذف لدلالة ما قبله عليه، كما أنه قد حذف منه الجار في قوله "بإذن ربه" ، إذ التقدير: والبلد الذي خبث لا يخرج بإذن ربه إلا نكدا. ولا بد من مضاف محذوف: إما من الأول تقديره: وبيان الذي خبث لا يخرج، وإما من الثاني تقديره: والذي خبث لا يخرج نباته إلا نكدا. وغاير بين الموصولين فجاء بالأول بالألف واللام، وفي الثاني جاء بالذي، ووصلت بفعل ماض.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية