الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (130) قوله تعالى: بالسنين : جمع سنة. وفيها لغتان أشهرهما: إجراؤه مجرى جمع المذكر السالم فيرفع بالواو وينصب ويجر بالياء، وتحذف نونه للإضافة. قال النحاة: إنما جرى ذلك المجرى جبرا له لما فاته من لامه المحذوفة، وسيأتي في لامه كلام. واللغة الثانية: أن يجعل الإعراب على النون ولكن مع الياء خاصة. نقل هذه اللغة أبو زيد والفراء. ثم لك فيها لغتان أحدهما: ثبوت تنوينها، والثانية عدمه. قال الفراء: "هي في هذه اللغة [ ص: 426 ] مصروفة عند بني عامر وغير مصروفة عند بني تميم ". ووجه حذف التنوين التخفيف، وحينئذ لا تحذف النون للإضافة، وعلى ذلك جاء قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2266 - دعاني من نجد فإن سنينه لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا



                                                                                                                                                                                                                                      وجاء الحديث: "اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف" و "سنينا كسنين يوسف" باللغتين.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي لام "سنة" لغتان، أحدهما: أنها واو لقولهم: سنوات وسانيت وسنية. والثانية: أنه هاء لقولهم: سانهت وسنهات وسنيهة. وليس هذا الحكم المذكور أعني جريانه مجرى جمع المذكر أو إعرابه بالحركات مقتصرا على لفظ سنين بل هو جار في كل اسم ثلاثي مؤنث حذفت لامه وعوض منها تاء التأنيث ولم يجمع جمع تكسير، نحو ثبة وثبين، وقلة وقلين. وتحرزت بقولي "حذفت لامه" مما حذفت فاؤه نحو: لدة وعدة. وبقولي "ولم يجمع جمع تكسير" من "ظبة وظبى". وقد شذ قولهم "لدون" في المحذوف الفاء، وظبون في المكسر قال


                                                                                                                                                                                                                                      2267 - يرى الراؤون بالشفرات منها     وقود أبي حباحب والظبينا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 427 ] واعلم أن هذا النوع إذا جرى مجرى الزيدين فإن كان مكسور الفاء سلمت ولم تغير نحو: مئة ومئين، وفئة وفئين. وإن كان مفتوحها كسرت نحو سنين، وقد نقل فتحها وهو قليل جدا. وإن كان مضمومها جاز في فائه الوجهان: أعني السلامة والكسر نحو: ثبين وقلين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد غلبت السنة على زمان الجدب، والعام على زمان الخصب حتى صارا كالعلم بالغلبة، ولذلك اشتقوا من لفظ السنة فقالوا: أسنت القوم. قال:


                                                                                                                                                                                                                                      2268 - عمرو الذي هشم الثريد لقومه     ورجال مكة مسنتون عجاف



                                                                                                                                                                                                                                      وقال حاتم الطائي:


                                                                                                                                                                                                                                      2269 - وإنا نهين المال في غير ظنة     وما يشتكينا في السنين ضريرها



                                                                                                                                                                                                                                      ويؤيد ما ذكرت لك ما في سورة يوسف: تزرعون سبع سنين ثم قال: سبع شداد فهذا في الجدب. وقال: ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس . وقوله: من الثمرات متعلق بـ " نقص " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية