الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (83) قوله تعالى: إلا امرأته : استثناء من أهله المنجين. وقوله: كانت من الغابرين جواب سؤال مقدر. وهذا كما تقدم في البقرة وفي أول هذه السورة في قصة إبليس.

                                                                                                                                                                                                                                      والغابر: المقيم. هذا هو مشهور اللغة، وأنشدوا قول أبي ذؤيب الهذلي:


                                                                                                                                                                                                                                      2239 - فغبرت بعدهم بعيش ناصب وإخال أني لاحق مستتبع

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 374 ] ومنه غبر اللبن لبقيته في الضرع، وغبر الحيض أيضا، قال أبو كبير الهذلي، ويروى لتأبط شرا:


                                                                                                                                                                                                                                      2240 - ومبرأ من كل غبر حيضة     وفساد مرضعة وداء معضل



                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى "من الغابرين" في الآية أي: من المقيمين في الهلاك. وقال بعضهم: "غبر بمعنى مضى وذهب" ومعنى الآية يساعده، وأنشد للأعشى:


                                                                                                                                                                                                                                      2241 - عض بما أبقى المواسي له     من أمه في الزمن الغابر



                                                                                                                                                                                                                                      أي: الزمن الماضي. وقال بعضهم: غبر أي غاب، ومنه قولهم: "غبر عنا زمانا" وقال أبو عبيدة: غبر: عمر دهرا طويلا حتى هرم، ويدل له: إلا عجوزا في الغابرين . والحاصل أن الغبور مشترك كعسعس أو حقيقة ومجاز وهو المرجح. والغبار: لما يبقى من التراب المثار. ومنه ووجوه يومئذ عليها غبرة تخييلا لتغيرها واسودادها. والغبراء الأرض. قال طرفة:


                                                                                                                                                                                                                                      2242 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني     ولا أهل هذاك الطراف الممدد



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية