الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويعتبر أيضا اجتناب المحرم ، بأن لا يأتي كبيرة ، قيل : ولا يدمن ، وقيل : ولا يتكرر منه صغيرة ، وقيل : ثلاثا .

                                                                                                          وفي الترغيب : بأن لا يكثر منها ولا يصر على واحدة منها ( م 1 ) وفي الخبر الذي رواه الترمذي { لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار } .

                                                                                                          وعنه : ترد بكذبة ، وهو ظاهر المغني ، واختاره شيخنا ، قال ابن عقيل : اختاره بعضهم ، وقاس عليه بقية الصغائر ، وهو بعيد ، لأن الكذب معصية فيما تحصل به الشهادة ، وهو الخبر ، أخذ القاضي وأبو الخطاب منها أنه كبيرة كشهادته بالزور ، أو كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          ذكره القاضي وغيره .

                                                                                                          ويعرف الكذاب بخلف المواعيد ، نقله عبد الله .

                                                                                                          [ ص: 563 ] ويجب الكذب إن تخلص به مسلم من القتل .

                                                                                                          قال ابن الجوزي : أو كان المقصود واجبا .

                                                                                                          ويباح لإصلاح وحرب وزوجة ، للخبر .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي : وكل مقصود محمود لا يتوصل إليه إلا به ، وهو التورية ، في ظاهر نقل حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقا ( م 2 ) .

                                                                                                          ومن جاءه طعام فقال لا آكله ثم أكل ، فكذب ، لا ينبغي أن يفعل ، نقله المروزي .

                                                                                                          ومن كتب لغيره كتابا فأملى عليه كذبا لم يكتبه ، نقله الأثرم .

                                                                                                          قال ابن حامد : وقد يقع الفسق بكل ما فيه ارتكاب لنهي وإن خلا عن حد أو وعيد ، وأنه مذهب مالك ، وأن الشافعي لم يفسقه بشرب مسكر للخلاف ولا بكذبة أو تدليس في بيع وغش في تجارة .

                                                                                                          وظاهر الكافي : العدل من رجح خيره ولم يأت كبيرة ، لأن الصغائر تقع مكفرة أولا فأولا فلا تجتمع .

                                                                                                          قال ابن عقيل : لولا الإجماع لقلنا به وظاهر العدة للقاضي : ولو أتى كبيرة ، قال شيخنا : خرج به في قياس الشبه ، واحتج [ ص: 564 ] في الكافي والعدة بقوله تعالى { فمن ثقلت موازينه } الآية .

                                                                                                          وعنه فيمن أكل الربا : إن أكثر لم يصل خلفه ، قال القاضي وابن عقيل : فاعتبر الكثرة ، وفي المغني : إن أخذ صدقة محرمة وتكرر ردت .

                                                                                                          وعنه فيمن ورث ما أخذه موروثه من الطريق : هذا أهون ، ليس هو أخرجه ، وأعجب إلي أن يرده .

                                                                                                          وعنه أيضا : لا يكون عدلا حتى يرد ما أخذ .

                                                                                                          وهي ما فيه حد أو وعيد ، نص عليه .

                                                                                                          وعند شيخنا : أو غضب أو لعنة أو نفي الإيمان قال : ولا يجوز أن يقع نفي الإيمان لأمر مستحب ، بل لكمال واجب .

                                                                                                          قال : وليس لأحد أن يحكم كلام أحمد إلا على معنى يبين من كلامه ما يدل على أنه مراده ، لا على ما يحتمله اللفظ في كلامه كل أحد .

                                                                                                          قال : ومن هذا الباب { من غشنا فليس منا } و { ومن حمل علينا السلاح فليس منا } وعن أنس مرفوعا : { لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم } حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود ، وفي كتاب ابن حامد : إن نفي الإيمان مخرج إلى الفسق ، قال : ومراده " فليس منا " أي ما أمرنا به ، أو ليس من أخلاقنا ، أو ليس من سنتنا : وذكر أيضا ما معناه : مراده أن ما ورد فيه لفظ الكفر أو الشرك للتغليظ ، وأنه كبيرة ، وعنه الوقف ، فلا نقول بكفر ناقل عن الملة ولا غيره ، قال : وفي معنى ذلك أخبار بلفظ آخر كقول { ليس منا من حلف بالأمانة } وسأله علي بن سعيد عن قوله { من غشنا [ ص: 565 ] فليس منا } قال : للتأكيد والتشديد ، ولا أكفر أحدا إلا بترك الصلاة .

                                                                                                          قال شيخنا : من شهد على إقرار كذب مع علمه بالحال أو تكرر نظره إلى الأجنبيات والقعود له بلا حاجة شرعية قدح في عدالته ، قال : ولا يستريب أحد فيمن صلى محدثا أو لغير القبلة أو بعد الوقت أو بلا قراءة أنه كبيرة .

                                                                                                          وفي الفصول والغنية والمستوعب : الغيبة والنميمة من الصغائر .

                                                                                                          وفي معتمد القاضي : معنى الكبيرة أن عقابها أعظم والصغيرة أقل ولا يعلمان إلا بتوقيف .

                                                                                                          وقال ابن حامد : إن تكررت الصغائر من نوع أو أنواع فظاهر المذهب : تجتمع وتكون كبيرة .

                                                                                                          ومن أصحابنا من قال لا تجتمع ، وهو يشبه مقالة المعتزلة ، إذ قولهم لا يجتمع ما ليس بكبير فيكون كبيرا ، كما لم يجتمع ما ليس بكفر فيكون كفرا ، وعنه : العدل من لم تظهر منه ريبة .

                                                                                                          [ ص: 562 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 562 ] باب شروط من تقبل شهادته ( مسألة 1 ) قوله " ويعتبر أيضا اجتناب المحرم بأن لا يأتي كبيرة ، قيل : ولا يدمن ، وقيل : ولا يتكرر منه صغيرة ، وقيل : ثلاثا .

                                                                                                          وفي الترغيب : بأن لا يكثر منها ولا يصر على واحدة منها " ، انتهى .

                                                                                                          القول الأول هو الصحيح ، وهو أن لا يدمن على صغيرة ، جزم به في المحرر والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم ، وقدمه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع والنظم وغيرهم .

                                                                                                          ( والقول الثاني ) وهو أن لا يتكرر منه صغيرة لم أر من اختاره .

                                                                                                          ( والقول الثالث ) وهو أن لا يتكرر منه صغيرة ثلاثا قطع به آداب المفتي ، والمقنع لابن حمدان في أصول الفقه . [ ص: 563 ]

                                                                                                          ( مسألة 2 ) قوله : " وهو التورية في ظاهر نقل حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقا ، انتهى .

                                                                                                          يعني إذا قلنا يباح الكذب في مواضعه فهل هو التورية أو مطلقا أطلق الخلاف والصواب هو القول الثاني هو ظاهر الأحاديث .

                                                                                                          وقال في الآداب مهما أمكن المعاريض حرم الكذب وهو ظاهر كلام غير واحد وصرح به آخرون لعدم الحاجة إذن وظاهر كلام أبي الخطاب الجواز ولو أمكن المعاريض والظاهر أنه مراد ، انتهى " .

                                                                                                          ونصر في موضع آخر ظاهر كلام الأصحاب والأحاديث




                                                                                                          الخدمات العلمية