الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
16971 - قال الشافعي فيما روينا عن أبي سعيد ، بإسناده: فإن كان هذا ثابتا عندك يعني ما ذكره عن علي ، فهو بذلك على أن الإمام مخير في أن يحكم بينهم أو يترك الحكم عليهم.

16972 - قال: فقال: قد روى بجالة ، عن عمر ، أنه كتب: "فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة" .

16973 - وقال في القديم: كتب إلى جزء بن معاوية أن فرقوا. ثم ذكره ، قال: فما روينا فكيف لم تأخذوا به؟ .

16974 - قال الشافعي : فقلت له: بجالة رجل ليس بالمشهور ، ولسنا نحتج برواية رجل مجهول ليس بالمشهور ، ولا يعرف أن جزء بن معاوية كان لعمر بن الخطاب عاملا .

16975 - ثم بسط الكلام في الجواب عنه ، وقال في خلاله: حديث بجالة موافق لنا. لأن عمر بن الخطاب إنما حملهم إن كان حديث بجالة ثابتا على ما كان عليه المسلمون بأن الحرائم لا يحللن للمسلمين ، ولا ينبغي لمسلم الزمزمة ، [ ص: 349 ] فتحملهم على ما تحمل عليه المسلمين ، وتتبعهم كما تتبع المسلمين ، قال: لا ، قلت: فقد خالفت ما رويت عن عمرة .

16976 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: ولا نعلم أحدا من أهل العلم روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بينهم إلا في الموادعين اللذين رجما ، ولا نعلم عن أحد من أصحابه بعده إلا ما روى بجالة مما يوافق حكم الإسلام ، وسماك بن حرب ، عن قابوس ، عن علي مما يوافق قولنا في أنه ليس على الإمام أن يحكم إلا أن يشاء .

16977 - قال الشافعي : وهاتان الروايتان وإن لم تخالفانا غير معروفتين عندنا ، ونحن نرجو أن لا نكون ممن تدعوه الحجة على من خالفه إلى قبول خبر من لم يثبت خبره بمعرفته عنده .

16978 - قال أحمد: كذا قال الشافعي رحمه الله في كتاب الحدود ، ونص في كتاب الجزية على أن ليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذي يجري عليهم الحكم إذا جاؤوه في حد الله وعليه أن يقيمه ، واحتج بقول الله عز وجل: ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) .

16979 - قال: فكان الصغار أن يجري عليهم حكم الإسلام .

16980 - وذكر في كتاب الجزية حديث بجالة في الجزية ، وقال: حديث بجالة متصل ثابت لأنه أدرك عمر ، وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله .

16981 - ويشبه أن يكون الشافعي لم يقف على حال بجالة بن عبد ، ويقال: "ابن عبدة" ، حين صنف كتاب الحدود ، ثم وقف عليه حين صنف كتاب الجزية ، [ ص: 350 ] .

16982 - وحديث بجالة قد أخرجه البخاري في صحيحه ، وحديث علي مرسل وقابوس بن مخارق غير محتج به ، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية