الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( 169 ) ) .

قوله تعالى : ( وأن تقولوا ) : في موضع جر عطفا على بالسوء ; أي وبأن تقولوا .

قال تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ( 170 ) ) .

قوله تعالى : بل نتبع بل هاهنا للإضراب عن الأول ; أي لا نتبع ما أنزل الله ; وليس بخروج من قصة إلى قصة .

و ( ألفينا ) : وجدنا المتعدية إلى مفعول واحد ; وقد تكون متعدية إلى مفعولين مثل وجدت ، وهي هاهنا تحتمل الأمرين ; والمفعول الأول : آباءنا وعليه إما حال أو مفعول ثان ، ولام ألفينا واو لأن الأصل فيما لو جهل من اللامات ، أن يكون واوا . ( أولو ) الواو للعطف ، والهمزة للاستفهام بمعنى التوبيخ ، وجواب لو محذوف تقديره أفكانوا يتبعونهم .

قال تعالى : ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ( 171 ) ) .

قوله تعالى : ( ومثل الذين كفروا ) : مثل مبتدأ ، و ( كمثل الذي ينعق ) : خبره . وفي الكلام حذف مضاف ; تقديره : داعي الذين كفروا ; أي مثل داعيهم إلى الهدى ; كمثل الناعق بالغنم ; وإنما قدر ذلك ليصح التشبيه ، فادعى الذين كفروا كالناعق بالغنم ، ومثل الذين كفروا كالغنم المنعوق بها . وقال سيبويه : لما أراد تشبيه الكفار وداعيهم ، بالغنم وداعيها ، قابل أحد الشيئين بالآخر من غير تفصيل ، اعتمادا على فهم المعنى .

وقيل التقدير : مثل الذين كفروا في دعائك إياهم .

وقيل التقدير : مثل الكافرين في دعائهم الأصنام كمثل الناعق بالغنم .

( إلا دعاء ) : منصوب بـ ( يسمع ) . وإلا قد فرغ قبلها العامل من المفعول .

[ ص: 117 ] وقيل إلا زائدة ; لأن المعنى لا يسمع دعاء ، وهو ضعيف والمعنى بما لا يسمع إلا صوتا : ( صم ) : أي هم صم .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ( 172 ) ) .

قوله تعالى : ( كلوا من طيبات ) : المفعول محذوف ; أي كلوا رزقكم ، وعند الأخفش من زائدة .

قال تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ( 173 ) ) .

قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة ) : تقرأ الميتة بالنصب ، فتكون ما هاهنا كافة ، والفاعل هو الله . ويقرأ بالرفع على أن تكون ما بمعنى الذي ، والميتة خبر إن ، والعائد محذوف تقديره : حرمه الله . ويقرأ حرم على ما لم يسم فاعله فعلى هذا يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي ، والميتة خبر إن ، ويجوز أن تكون كافة والميتة المفعول القائم مقام الفاعل .

والأصل الميتة بالتشديد ; لأن بناءه فيعلة ، والأصل ميوتة ، فلما اجتمعت الياء والواو وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت ، فمن قرأ بالتشديد أخرجه على الأصل ، ومن خفف حذف الواو التي هي عين ، ومثله سيد وهين في سيد وهين .

ولام ( والدم ) : ياء محذوفة حذفت لغير علة .

والنون في ( خنزير ) أصل ، وهو على مثال غريب ; وقيل هي زائدة ، وهو مأخوذ من الخزر . ( فمن اضطر ) : من في موضع رفع وهي شرط ، واضطر في موضع جزم بها ، والجواب " فلا إثم عليه " ويجوز أن تكون من بمعنى الذي .

[ ص: 118 ] ويقرأ بكسر النون على أصل التقاء الساكنين ، وبضمها إتباعا لضمة الطاء ، والحاجز غير حصين لسكونه وضمت الطاء على الأصل ; لأن الأصل اضطرر .

ويقرأ بكسر الطاء ; ووجهها أنه نقل كسرة الراء إليها .

( غير باغ ) : نصب على الحال .

( ولا عاد ) : معطوف على باغ ، ولو جاء في غير القرآن منصوبا عطفا على موضع غير جاز .

التالي السابق


الخدمات العلمية