الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) ( 53 ) .

قوله تعالى : ( أم لهم نصيب ) : أم منقطعة ؛ أي : بل ألهم ، وكذلك " أم يحسدون " .

( فإذن ) : حرف ينصب الفعل إذا اعتمد عليه ، وله مواضع يلغى فيها ، وهو مشبه في عوامل الأفعال بظننت في عوامل الأسماء ، والنون أصل فيه ، وليس بتنوين ، فلهذا يكتب بالنون ، وأجاز الفراء أن يكتب بالألف ، ولم يعمل هنا من أجل حرف العطف ، وهي الفاء ، ويجوز في غير القرآن أن يعمل مع الفاء ، وليس المبطل لعمله لا ؛ لأن لا يتخطاها العامل .

قال تعالى : ( فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ( 55 ) إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ) ( 56 ) .

قوله تعالى : ( من آمن به ) : الهاء تعود على الكتاب . وقيل : على إبراهيم . وقيل : على محمد ، و ( سعيرا ) بمعنى مستعرا . ( نضجت جلودهم ) : يقرأ بالإدغام ؛ لأنهما من حروف وسط الفم ، والإظهار هو الأصل . ( بدلناهم جلودا ) : أي : بجلود . وقيل : يتعدى إلى الثاني بنفسه .

[ ص: 282 ] قال تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ) ( 57 ) .

قوله تعالى : ( والذين آمنوا ) : يجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على الذين كفروا ، وأن يكون رفعا على الموضع ، أو على الاستئناف ، والخبر " سندخلهم " . ( خالدين فيها ) : حال من المفعول في ندخلهم أو من جنات ؛ لأن فيهما ضمير الكل واحد منهما ، ويجوز أن يكون صفة لجنات على رأي الكوفيين ، و ( لهم فيها أزواج ) : حال ، أو صفة .

قال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) ( 58 ) .

قوله تعالى : ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) : العامل في إذا وجهان : أحدهما : فعل محذوف ، تقديره : يأمركم أن تحكموا إذا حكمتم ، وجعل أن تحكموا المذكورة مفسرة للمحذوف ، فلا موضع لأن تحكموا ، لأنه مفسر للمحذوف ، والمحذوف مفعول يأمركم . ولا يجوز أن يعمل في إذا أن تحكموا ؛ لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه .

والوجه الثاني : أن تنصب " إذ " بيأمركم ، وأن تحكموا به أيضا ؛ والتقدير : أن يكون حرف العطف مع أن تحكموا ، لكن فصل بينهما بالظرف كقول الأعشى : يوما يراها كشبه أردية الـ عصب ويوما أديمها نغلا .

و ( بالعدل ) : يجوز أن يكون مفعولا به ، ويجوز أن يكون حالا . ( نعما يعظكم به ) : الجملة خبر إن ، وفي " ما " ثلاثة أوجه : أحدها : أنها بمعنى الشيء معرفة تامة ، ويعظكم صفة موصوف محذوف هو المخصوص بالمدح ؛ تقديره : نعم الشيء شيء يعظكم به . ويجوز أن يكون يعظكم صفة لمنصوب محذوف ؛ أي : نعم الشيء شيئا يعظكم به ؛ كقولك : نعم الرجل رجلا صالحا زيد ، وهذا جائز عند بعض النحويين ، والمخصوص بالمدح هنا محذوف . والثاني : أن " ما " بمعنى الذي ، وما بعدها صلتها ، وموضعها رفع فاعل نعم والمخصوص محذوف ؛ أي : نعم الذي يعظكم بتأدية الأمانة والحكم بالعدل . والثالث : أن تكون " ما " نكرة موصوفة ، والفاعل مضمر ، والمخصوص محذوف ؛ كقوله تعالى : ( بئس للظالمين بدلا ) [ الكهف : 50 ] .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) ( 59 ) .

[ ص: 283 ] قوله تعالى : ( وأولي الأمر منكم ) : حال من أولي . و ( تأويلا ) : تمييز .

التالي السابق


الخدمات العلمية