الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ) ( 53 ) .

قوله تعالى : ( ويقول ) : يقرأ بالرفع من غير واو العطف ، وهو مستأنف . ويقرأ بالواو كذلك ، ويقرأ بالواو والنصب ، وفي النصب أربعة أوجه : أحدها : أنه معطوف على يأتي حملا على المعنى ؛ لأن معنى عسى الله أن يأتي ، وعسى أن يأتي الله واحد . ولا يجوز أن يكون معطوفا على لفظ أن يأتي ؛ لأن أن يأتي خبر عسى والمعطوف عليه في حكمه ، فيفتقر إلى ضمير يرجع إلى اسم عسى ، ولا ضمير في قوله : ( ويقول الذين آمنوا ) ، فيصير كقولك : عسى الله أن يقول الذين آمنوا . والثاني : أنه معطوف على لفظ يأتي على الوجه الذي جعل فيه بدلا فيكون داخلا في اسم عسى ، واستغنى عن خبرها بما تضمنه اسمها من الحدث . والوجه الثالث : أن يعطف على لفظ يأتي ، وهو خبر ، ويقدر مع المعطوف ضمير محذوف تقديره : ويقول الذين آمنوا به . والرابع : أن يكون معطوفا على الفتح تقديره : فعسى الله أن يأتي بالفتح ، وبأن يقول الذين آمنوا . ( جهد أيمانهم ) : فيه وجهان : أحدهما : أنه حال ، وهو هنا معرفة ، والتقدير : وأقسموا بالله يجهلون جهد أيمانهم ، فالحال في الحقيقة مجتهدين ، ثم أقيم الفعل المضارع مقامه ، ثم أقيم المصدر مقام الفعل لدلالته عليه . والثاني : أنه مصدر يعمل فيه أقسموا ، وهو من معناه لا من لفظه .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) ( 54 ) .

[ ص: 334 ] قوله تعالى : ( من يرتد منكم ) : يقرأ بفتح الدال وتشديدها على الإدغام ، وحرك الدال بالفتح لالتقاء الساكنين ، ويقرأ : " يرتدد " بفك الإدغام ، والجزم على الأصل . ( ومنكم ) : في موضع الحال من ضمير الفاعل . ( يحبهم ) : في موضع جر صفة لقوم .

( ويحبونه ) : معطوف عليه ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب تقديره : وهم يحبونه . ( أذلة ) و ( أعزة ) : صفتان أيضا . ( يجاهدون ) : يجوز أن يكون صفة لقوم أيضا ، وجاء بغير واو ، كما جاء " أذلة " و " أعزة " ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في " أعزة " ؛ أي : يعزون مجاهدين ، ويجوز أن يكون مستأنفا .

قال تعالى : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( 55 ) .

قوله تعالى : ( الذين يقيمون الصلاة ) : صفة للذين آمنوا . ( وهم راكعون ) : حال من الضمير في يؤتون .

قال تعالى : ( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) ( 56 ) .

قوله تعالى : ( فإن حزب الله هم الغالبون ) : قيل : هو خبر المبتدأ الذي هو " من " ولم يعد منه ضمير إليه ؛ لأن الحزب هو " من " في المعنى ، فكأنه قال : فإنهم هم الغالبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية