الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) ( 69 ) .

قوله تعالى : ( من شيء ) : من زائدة ، ومن حسابهم حال ، والتقدير : شيء من حسابهم . ( ولكن ذكرى ) : أي : ولكن نذكرهم ذكرى ، فيكون في موضع نصب ، ويجوز أن يكون في موضع رفع ؛ أي هذا ذكرى أو عليهم ذكرى .

قال تعالى : ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) ( 70 ) .

قوله تعالى : ( أن تبسل ) : مفعول له ؛ أي : مخافة أن تبسل . ( ليس لها ) : يجوز أن تكون الجملة في موضع رفع صفة لنفس ، وأن تكون في موضع حال من الضمير في كسبت ، وأن تكون مستأنفة . ( من دون الله ) : في موضع الحال ؛ أي : ليس لها ولي من دون الله .

ويجوز أن يكون " من دون الله " خبر ليس ، ولها تبيين وقد ذكرنا مثاله .

( كل عدل ) : انتصاب " كل " على المصدر ؛ لأنها في حكم ما تضاف إليه .

( أولئك الذين ) : جمع على المعنى ، وأولئك مبتدأ ، وفي الخبر وجهان : أحدهما : الذين أبسلوا ، فعلى هذا يكون قوله ( لهم شراب ) فيه وجهان : أحدهما : هو حال من الضمير في أبسلوا . والثاني : هو مستأنف . .

والوجه الآخر : أن يكون الخبر لهم شراب ، والذين أبسلوا بدل من أولئك أو نعت ، أو يكون خبرا أيضا ، ولهم شراب خبرا ثانيا .

قال تعالى : ( قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) ( 71 ) .

قوله تعالى : ( أندعو ) : الاستفهام بمعنى التوبيخ .

[ ص: 378 ] و ( ما ) : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة . و ( من دون الله ) : متعلق بندعو ، ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في ( ينفعنا ) ، ولا مفعولا لينفعنا ، لتقدمه على " ما " والصلة والصفة لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف . ( ونرد ) : معطوف على ندعو ، ويجوز أن يكون جملة في موضع الحال ؛ أي : ونحن نرد .

و ( على أعقابنا ) : حال من الضمير في نرد ؛ أي : نرد منقلبين ، أو متأخرين .

( كالذي ) : في الكاف وجهان : أحدهما : هي حال من الضمير في نرد ، أو بدل من : " على أعقابنا " ؛ أي : مشبهين للذي " استهوته " . والثاني : أن تكون صفة لمصدر محذوف ؛ أي : ردا مثل رد الذي استهوته .

يقرأ استهوته ، واستهواه مثل توفته ، وتوفاه . وقد ذكر .

و " الذي " يجوز أن يكون هنا مفردا ؛ أي : كالرجل الذي ، أو كالفريق الذي .

ويجوز أن يكون جنسا ، والمراد الذين . ( في الأرض ) : يجوز أن يكون متعلقا باستهوته ، وأن يكون حالا من " حيران " ؛ أي : حيران كائنا في الأرض .

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في حيران ، وأن يكون حالا من الهاء في استهوته .

و ( حيران ) : حال من الهاء ، أو من الضمير في الظرف ، ولم ينصرف ؛ لأن مؤنثه حيرى . ( له أصحاب ) : يجوز أن تكون الجملة مستأنفة ، وأن تكون حالا من الضمير في حيران ، أو من الضمير في الظرف ، أو بدلا من الحال التي قبلها .

( ائتنا ) : أي : يقولون ائتنا . ( لنسلم ) : أي أمرنا بذلك لنسلم ، وقيل : اللام بمعنى الباء ، وقيل : هي زائدة ؛ أي : أن نسلم .

قال تعالى : ( وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون ) ( 72 ) .

قوله تعالى : ( وأن أقيموا الصلاة ) : أن مصدرية ، وهي معطوفة على لنسلم ، وقيل : هو معطوف على قوله : ( إن الهدى هدى الله ) ، والتقدير : وقل أن أقيموا ، وقيل : هو محمول على المعنى ؛ أي : قيل : لنا أسلموا وأن أقيموا .

التالي السابق


الخدمات العلمية