الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ( 280 ) ) .

قوله تعالى : ( وإن كان ذو عسرة ) : كان هنا التامة ; أي إن حدث ذو عسرة ، وقيل : هي الناقصة ، والخبر محذوف تقديره : وإن كان ذو عسرة لكم عليه حق ، أو نحو ذلك ، ولو نصب فقال ذا عسرة لكان الذي عليه الحق معنيا بالذكر السابق ، وليس ذلك في اللفظ إلا أن يتمحل لتقديره : والعسرة والعسر بمعنى .

والنظرة بكسر الظاء مصدر بمعنى التأخير ، والجمهور على الكسر ، ويقرأ بالإسكان إيثارا للتخفيف كفخذ وفخذ وكتف وكتف .

ويقرأ فناظرة بالألف ، وهي مصدر كالعاقبة والعافية ، ويقرأ فناظره على الأمر كما تقول ساهله بالتأخير . ( إلى ميسرة ) : أي إلى وقت ميسرة ، أو وجود ميسرة .

والجمهور على فتح السين والتأنيث .

وقرئ بضم السين ، وجعل الهاء ضميرا ، وهو بناء شاذ لم يأت منه إلا مكرم ومعون ، على أن ذلك قد تؤول على أنه جمع مكرمة ومعونة .

وتحتمل القراءة بعد ذلك أمرين :

أحدهما : أن يكون جمع ميسرة ، كما قالوا في البناءين .

والثاني : أن يكون أراد ميسورة ، فحذف الواو اكتفاء بدلالة الضمة عليها ، وارتفاع نظرة على الابتداء ، والخبر محذوف ; أي فعليكم نظرة وإلى يتعلق بنظرة .

( وأن تصدقوا ) : يقرأ بالتشديد ، وأصله تتصدقوا ، فقلب التاء الثانية صادا ، وأدغمها ، ويقرأ بالتخفيف على أنه حذف التاء حذفا .

[ ص: 184 ] قال تعالى : ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ( 281 ) ) .

قوله تعالى : ( ترجعون فيه ) : الجملة صفة يوم .

ويقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل ، وبضمها على ترك التسمية على أنه من رجعته ; أي رددته ; وهو متعد على هذا الوجه ، ولولا ذلك لما بني لما لم يسم فاعله .

ويقرأ بالياء على الغيبة : ( وهم لا يظلمون ) : يجوز أن يكون حالا من " كل " ; لأنها في معنى الجمع .

ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يرجعون على القراءة بالياء على أنه خرج من الخطاب إلى الغيبة ; كقوله : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ) [ يونس : 22 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية