الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) ( 43 ) .

قوله تعالى : ( حتى يتبين ) : حتى متعلقة بمحذوف دل عليه الكلام تقديره : هلا أخرتهم إلى أن يتبين أو ليتبين ، وقوله : " لم أذنت لهم " يدل على المحذوف .

ولا يجوز أن يتعلق " حتى " بأذنت ؛ لأن ذلك يوجب أن يكون أذن لهم إلى هذه الغاية ، أو لأجل التبيين ، وهذا لا يعاتب عليه .

قال تعالى : ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين ) ( 47 ) .

قوله تعالى : ( خلالكم ) : ظرف لأوضعوا ؛ أي : أسرعوا فيما بينكم .

( يبغونكم ) : حال من الضمير في " أوضعوا " .

قال تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) ( 49 ) .

قوله تعالى : ( يقول ائذن لي ) : هو مثل قوله : ( ائتنا بما تعدنا ) [ الأعراف : 70 ] وقد ذكر .

[ ص: 480 ] قال تعالى : ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ) ( 52 ) .

قوله تعالى : ( هل تربصون ) : الجمهور على تسكين اللام ، وتخفيف التاء .

ويقرأ بكسر اللام ، وتشديد التاء ، ووصلها ، والأصل " تتربصون " ، فسكن التاء الأولى ، وأدغمها ووصلها بما قبلها ، وكسرت اللام لالتقاء الساكنين ، ومثله : ( نارا تلظى ) [ الليل : 14 ] وله نظائر .

( ونحن نتربص بكم أن يصيبكم ) : مفعول نتربص ، وبكم متعلقة بنتربص .

قال تعالى : ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ) ( 54 ) .

قوله تعالى : ( أن تقبل ) : في موضع نصب بدلا من المفعول في منعهم .

ويجوز أن يكون التقدير : من أن تقبل . و ( أنهم كفروا ) : في موضع الفاعل . ويجوز أن يكون فاعل منع " الله " وأنهم كفروا مفعول له ؛ أي : إلا لأنهم كفروا .

قال تعالى : ( لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ) ( 57 ) .

قوله تعالى : ( أو مدخلا ) : يقرأ بالتشديد ، وضم الميم ، وهو مفتعل من الدخول ، وهو الموضع الذي يدخل فيه ، ويقرأ بضم الميم ، وفتح الخاء من غير تشديد .

ويقرأ بفتحهما ، وهما مكانان أيضا ، وكذلك المغارة ، وهي واحد مغارات ، وقيل : الملجأ ، وما بعده مصادر ؛ أي : لو قدروا على ذلك لمالوا إليه .

قال تعالى : ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) ( 58 ) .

قوله تعالى : ( يلمزك ) : يجوز كسر الميم وضمها ، وهما لغتان ، قد قرئ بهما .

[ ص: 481 ] ( إذا هم ) : إذا هنا للمفاجأة ، وهي ظرف مكان ، وجعلت في جواب الشرط كالفاء لما فيها من المفاجأة ، وما بعدها ابتداء وخبر .

والعامل في إذا : " يسخطون " .

قال تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) ( 60 ) .

قوله تعالى : ( فريضة ) : حال من الضمير في الفقراء ؛ أي : مفروضة . وقيل : هو مصدر ، والمعنى فرض الله ذلك فرضا .

قال تعالى : ( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) ( 61 ) .

قوله تعالى : ( قل أذن خير ) : أذن : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هو .

ويقرأ بالإضافة ؛ أي : مستمع خبر ، ويقرأ بالتنوين ورفع خير على أنه صفة لأذن ، والتقدير : أذن ذو خير . ويجوز أن يكون " خير " بمعنى أفعل ؛ أي : أذن أكثر خيرا لكم .

( يؤمن بالله ) : في موضع رفع صفة أيضا ، واللام في : " للمؤمنين " زائدة دخلت لتفرق بين يؤمن بمعنى يصدق ، ويؤمن بمعنى يثبت الأمان .

( ورحمة ) : بالرفع عطف على " أذن " ؛ أي : هو أذن ورحمة ، ويقرأ بالجر عطفا على خير فيمن جر خيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية