الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) ( 34 ) .

[ ص: 422 ] قوله تعالى : ( جاء أجلهم ) : هو مفرد في موضع الجمع . وقرأ ابن سيرين آجالهم على الأصل ؛ لأن لكل واحد منهم أجلا .

قال تعالى : ( يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) ( 35 ) .

قوله تعالى : ( يقصون عليكم ) : يجوز أن يكون في موضع رفع صفة لرسل ، وأن يكون حالا من رسل ، أو من الضمير في الظرف .

قال تعالى : ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ) ( 37 ) .

قوله تعالى : ( من الكتاب ) : حال من ( نصيبهم ) .

قال تعالى : ( قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون ) ( 38 ) .

قوله تعالى : ( من قبلكم ) : يجوز أن يكون ظرفا لـ " خلت " وأن يكون صفة لأمم . و ( من الجن ) : حال من الضمير في خلت ، أو صفة أخرى لأمم . ( في النار ) : متعلق بادخلوا . ويجوز أن يكون صفة لأمم ، أو ظرفا لخلت . ( اداركوا ) : يقرأ بتشديد الدال وألف بعدها ، وأصلها تداركوا ، فأبدلت التاء دالا ، وأسكنت ليصح إدغامها ، ثم أجلبت لها همزة الوصل ؛ ليصح النطق بالساكن ، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف بعد الدال ، ووزنه على هذا افتعلوا ، فالتاء هنا بعد الدال مثل اقتتلوا . وقرئ في الشاذ : " تداركوا " على الأصل ؛ أي : أدرك بعضهم بعضا . وقرئ " إذا إداركوا " بقطع الهمزة عما قبلها وكسرها على نية [ ص: 423 ] الوقف على ما قبلها والابتداء بها . وقرئ " إذا اداركوا " بألف واحدة ساكنة والدال بعدها مشددة ، وهو جمع بين ساكنين ، وجاز ذلك لما كان الثاني مدغما ، كما قالوا : دابة وشابة ، وجاز في المنفصل ، كما جاز في المتصل ، وقد قال بعضهم " اثنا عشر " بإثبات الألف وسكون العين ، وستراه في موضعه إن شاء الله تعالى . و ( جميعا ) : حال . ( ضعفا ) : صفة لعذاب ، وهو بمعنى مضعف ، أو مضاعف . و ( من النار ) : صفة أخرى ، ويجوز أن يكون حالا .

قوله تعالى : ( لكل ضعف ) : أي : لكل عذاب ضعف من النار ، فحذف لدلالة الأول عليه . ( ولكن لا تعلمون ) : بالتاء على الخطاب ، وبالياء على الغيبة .

قال تعالى : ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ) ( 40 ) .

قوله تعالى : ( لا تفتح ) : يقرأ بالتاء ؛ ويجوز في التاء الثانية التخفيف والتشديد للتكثير .

ويقرأ بالياء ؛ لأن تأنيث الأبواب غير حقيقي وللفصل أيضا . ( الجمل ) : يقرأ بفتح الجيم ، وهو الجمل المعروف ، ويقرأ بضم الجيم ، وفتح الميم ، وتشديدها ، وهو الحبل الغليظ ، وهو جمع مثل صوم وقوم ، ويقرأ بضم الجيم والميم مع التخفيف ، وهو جمع مثل أسد وأسد ، ويقرأ كذلك إلا أن الميم ساكنة ، وذلك على تخفيف المضموم . ( سم الخياط ) : بفتح السين وضمها لغتان . ( وكذلك ) : في موضع نصب بـ " نجزي " على أنه وصف لمصدر محذوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية