الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ( 26 ) ) .

قوله تعالى : ( قل اللهم ) : الميم المشددة عوض من ياء ، وقال الفراء : الأصل يا الله أمنا بخير ، وهو مذهب ضعيف ، وموضع بيان ضعفه غير هذا الموضع . ( مالك الملك ) : هو نداء ثان ; ; أي يا مالك الملك .

ولا يجوز أن يكون صفة عند سيبويه على الموضع ; لأن الميم في آخر المنادى تمنع من ذلك عنده ، وأجاز المبرد والزجاج أن يكون صفة .

( تؤتي الملك ) : هو وما بعده من المعطوفات خبر مبتدأ محذوف ; أي أنت . وقيل : هو مستأنف .

وقيل : الجملة في موضع الحال من المنادى ; وانتصاب الحال على المنادى مختلف فيه ; والتقدير : من يشاء إتيانه إياه ، ومن يشاء انتزاعه منه .

[ ص: 204 ] ( بيدك الخير ) : مستأنف .

وقيل : حكمه حكم ما قبله من الجمل .

قال تعالى : ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ( 27 ) ) .

قوله تعالى : ( الميت من الحي ) : يقرأ بالتخفيف والتشديد ، وقد ذكرناه في قوله : ( إنما حرم عليكم الميتة ) [ البقرة : 173 ] . ( بغير حساب ) : يجوز أن يكون حالا من المفعول المحذوف ; أي ترزق من تشاؤه غير محاسب . ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل ; أي تشاء غير محاسب له ، أو غير مضيق له . ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف ، أو مفعول محذوف ; أي رزقا غير قليل .

قال تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون ) : هو نهي . وأجاز الكسائي فيه الرفع على الخبر ، والمعنى لا يبتغي . ( من دون ) : في موضع نصب صفة لأولياء . ( فليس من الله في شيء ) : التقدير : فليس في شيء من دين الله ، فمن الله في موضع نصب على الحال ; لأنه صفة للنكرة قدمت عليها .

( إلا أن تتقوا ) : هذا رجوع من الغيبة إلى الخطاب ، وموضع أن تتقوا نصب ; لأنه مفعول من أجله ، وأصل ( تقاة ) وقية ، فأبدلت الواو تاء لانضمامها ضما لازما ; مثل تجاه ، وأبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وانتصابها على الحال . ويقرأ تقية ، ووزنها فعيلة ، والياء بدل من الواو أيضا .

( ويحذركم الله نفسه ) : أي عقاب نفسه ، كذا قال الزجاج . وقال غيره لا حذف هنا .

[ ص: 205 ] قال تعالى : ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ( 29 ) ) .

قوله تعالى : ( ويعلم ما في السماوات ) : هو مستأنف ; وليس من جواب الشرط ; لأنه يعلم ما فيها على الإطلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية