الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ) ( 104 ) .

قوله تعالى : ( قد جاءكم بصائر ) : لم يلحق الفعل تاء التأنيث ؛ للفصل بين المفعول ، ولأن تأنيث الفاعل غير حقيقي .

و ( من ) : متعلقة بجاء ، ويجوز أن تكون صفة للبصائر ، فتتعلق بمحذوف .

[ ص: 394 ] ( فمن أبصر ) : من مبتدأ ، فيجوز أن تكون شرطا ، فيكون الخبر أبصر ، وجواب من " فعليها " .

ويجوز أن تكون بمعنى الذي ، وما بعد الفاء الخبر ، والمبتدأ فيه محذوف ، تقديره : فإبصاره لنفسه ، وكذلك قوله : " ومن عمي فعليها " .

قال تعالى : ( وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون ) ( 105 ) .

قوله تعالى : ( وكذلك ) : الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي : " نصرف الآيات " تصريفا مثل ما تلوناها عليك . ( وليقولوا ) : أي : وليقولوا درست صرفنا ؛ واللام لام العاقبة ؛ أي : إن أمرهم يصير إلى هذا . وقيل : إنه قصد بالتصريف أن يقولوا " درست " عقوبة لهم .

( دارست ) : يقرأ بالألف وفتح التاء ؛ أي : دارست أهل الكتاب .

ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف ؛ أي : درست الكتب المتقدمة .

ويقرأ كذلك إلا أنه بالتشديد ، والمعنى كالمعنى الأول . ويقرأ بضم الدال مشددا على ما لم يسم فاعله .

ويقرأ : " دورست " بالتخفيف والواو على ما لم يسم فاعله ، والواو مبدلة من الألف في دارست ، ويقرأ بفتح الدال والراء والسين وسكون التاء ؛ أي : انقطعت الآيات وانمحت .

ويقرأ كذلك إلا أنه على ما لم يسم فاعله . ويقرأ درس من غير تاء ، والفاعل النبي ، وقيل : الكتاب لقوله : " ولنبينه " .

قال تعالى : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين ) ( 106 ) .

قوله تعالى : ( من ربك ) : يجوز أن تكون متعلقة بأوحي ، وأن تكون حالا من الضمير المفعول المرفوع في أوحي ، وأن تكون حالا من " ما " .

( لا إله إلا هو ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ربك ؛ أي : من ربك منفردا ، وهي حال مؤكدة .

[ ص: 395 ] قال تعالى : ( ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل ) ( 107 ) .

قوله تعالى : ( ولو شاء الله ) : المفعول محذوف ؛ أي : ولو شاء الله إيمانهم .

و ( جعلناك ) : متعدية إلى مفعولين ، و ( حفيظا ) : الثاني . و ( عليهم ) : يتعلق بحفيظا ، ومفعوله محذوف ؛ أي : وما صيرناك تحفظ عليهم أعمالهم ، وهذا يؤكد قول سيبويه في إعمال فعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية