الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون ( 123 ) ) .

قوله تعالى : ( ببدر ) : ظرف ، والباء بمعنى في . ويجوز أن يكون حالا . و ( أذلة ) : جمع ذليل ، وإنما مجيء هذا البناء فرارا من تكرير اللام الذي يكون في ذللا .

قال تعالى : ( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ( 124 ) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ( 125 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ ) : تقول يجوز أن يكون التقدير : اذكر . ويجوز أن يكون بدلا من " إذ همت " . ويجوز أن يكون ظرفا لنصركم . ( ألن يكفيكم ) : همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي نقلته إلا الإثبات ، ويبقى زمان الفعل على ما كان عليه . و ( أن يمدكم ) : فاعل يكفيكم . ( بثلاثة آلاف ) : الجمهور على كسر الفاء ، وقد أسكنت في الشواذ على أنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، وهذه التاء إذا وقف عليها كانت بدلا من الهاء التي يوقف عليها ، ومنهم من يقول : إن تاء التأنيث هي الموقوف عليها وهي لغة . وقرئ شاذا بهاء ساكنة ; وهو إجراء الوصل مجرى الوقف أيضا ، وكلاهما ضعيف ; لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد . ( مسومين ) : بكسر الواو ; أي مسومين خيلهم أو أنفسهم ، وبفتحها على ما لم يسم فاعله .

قال تعالى : ( وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ( 126 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا بشرى ) : مفعول ثان لجعل ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، ويكون جعل المتعدية إلى واحد ، والهاء في جعله تعود على إمداد أو على التسويم ، أو على النصر أو على التنزيل .

[ ص: 232 ] ( ولتطمئن ) : معطوف على بشرى إذا جعلتها مفعولا له ، تقديره : ليبشركم ولتطمئن . ويجوز يتعلق أن يتعلق بفعل محذوف تقديره : ولتطمئن قلوبكم بشركم .

قال تعالى : ( ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين ( 127 ) ) .

قوله تعالى : ( ليقطع طرفا ) : اللام متعلقة بمحذوف ; تقديره : ليقطع طرفا أمدكم بالملائكة ، أو نصركم . ( أو يكبتهم ) : قيل : أو بمعنى الواو . وقيل : هي للتفصيل ; أي كان القطع لبعضهم ، والكبت لبعضهم ، والتاء في يكبتهم أصل ، وقيل : هي بدل من الدال ، وهو من كبدته أصبت كبده . ( فتنقلبوا ) : معطوف على يقطع أو يكبتهم .

قال تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ( 128 ) ) .

قوله تعالى : ( ليس لك ) : اسم ليس " شيء " و " لك " الخبر . و " من الأمر " حال من شيء ; لأنها صفة مقدمة . ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم ) : معطوفان على يقطع . وقيل : أو بمعنى إلا أن .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ( 130 ) ) .

قوله تعالى : ( أضعافا ) : مصدر في موضع الحال من الربا ; تقديره : مضاعفا .

قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ( 133 ) ) .

قوله تعالى : ( وسارعوا ) : يقرأ بالواو وحذفها ، فمن أثبتها عطفه على ما قبله من الأوامر ، ومن لم يثبتها استأنف . ويجوز إمالة الألف هنا لكسرة الراء .

( عرضها السماوات ) : الجملة في موضع جر ، وفي الكلام حذف تقديره : عرضها مثل عرض السماوات . ( أعدت ) : يجوز أن يكون في موضع جر صفة للجنة ، وأن يكون حالا منها ; لأنها قد وصفت ، وأن يكون مستأنفا . ولا يجوز أن يكون حالا من المضاف [ ص: 233 ] إليه لثلاثة أشياء : أحدها : أنه لا عامل ، وما جاء من ذلك متأول على ضعفه . والثاني : أن العرض هنا لا يراد به المصدر الحقيقي ; بل يراد به المسافة . والثالث : أن ذلك يلزم منه الفصل بين الحال وبين صاحب الحال بالخبر .

قال تعالى : ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ( 134 ) ) .

قوله تعالى : ( الذين ينفقون ) : يجوز أن يكون صفة للمتقين ، وأن يكون نصبا على إضمار أعني ، وأن يكون رفعا على إضمار " هم " .

وأما ( الكاظمين ) : فعلى الجر والنصب .

التالي السابق


الخدمات العلمية