الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون ( 76 ) ) .

قوله تعالى : ( بما فتح الله ) يجوز أن تكون ما بمعنى الذي وأن تكون مصدرية وأن تكون نكرة موصوفة . ( ليحاجوكم ) : اللام بمعنى كي والناصب للفعل أن مضمرة لأن اللام في الحقيقة حرف جر ولا تدخل إلا على الاسم وأكثر العرب يكسر هذه اللام ومنهم من يفتحها .

قال تعالى : ( ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ( 78 ) ) .

قوله تعالى : ( أميون ) : مبتدأ ، وما قبله الخبر ، ويجوز على مذهب الأخفش أن يرتفع بالظرف . ( لا يعلمون ) : في موضع رفع صفة لأميين .

[ ص: 70 ] ( إلا أماني ) : استثناء منقطع ; لأن الأماني ليست من جنس العلم ، وتقدير إلا في مثل هذا بلكن أي لكن يتمنونه أماني . وواحد الأماني أمنية ، والياء مشددة في الواحد والجمع ويجوز تخفيفها فيهما .

( وإن هم ) : إن بمعنى ما ، ولكن لا تعمل عملها ، وأكثر ما تأتي بمعناها إذا انتقض النفي بإلا ، وقد جاءت وليس معها إلا ، وسيذكر في موضعه ، والتقدير : وإن هم إلا قوم يظنون .

قال تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ( 79 ) ) .

قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون ) : ابتداء ، وخبر ; ولو نصب لكان له وجه على أن يكون التقدير ألزمهم الله ويلا واللام للتبيين لأن الاسم لم يذكر قبل المصدر .

والويل مصدر لم يستعمل منه فعل ; لأن فاءه وعينه معتلتان .

قوله تعالى : ( الكتاب ) : مفعول به ; أي المكتوب ويضعف أن يكون مصدرا ، وذكر الأيدي توكيد ، وواحدها يد ، وأصلها يدي كفلس ، وهذا الجمع جمع قلة وأصله أيدي بضم الدال ، والضمة قبل الياء مستثقلة لا سيما مع الياء المتحركة ، فلذلك صيرت الضمة كسرة ، ولحق بالمنقوص . ( ليشتروا ) : اللام متعلقة بـ ( يقولون ) ( مما كتبت أيديهم ) : ما بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة أو مصدرية وكذلك ( مما يكسبون ) .

قال تعالى : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ( 80 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا أياما ) : منصوب على الظرف ، وليس لإلا فيه عمل ; لأن الفعل لم يتعد إلى ظرف قبل هذا الظرف ، وأصل أيام أيوام ، فلما اجتمعت الياء والواو ، وسبقت الأولى بالسكون ، قلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء تخفيفا .

[ ص: 71 ] ( أتخذتم ) : الهمزة للاستفهام ، وهمزة الوصل محذوفة استغناء عنها بهمزة الاستفهام ، وهو بمعنى جعلتم المتعدية إلى مفعول واحد .

( فلن يخلف ) : التقدير : فيقولوا لن يخلف .

( ما لا تعلمون ) : ما بمعنى الذي ، أو نكرة ، ولا تكون مصدرية هنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية