الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المجوسية إذا أسلم [ ص: 184 ] زوجها ، أيكون لها النفقة قبل أن يعرض عليها السلطان الإسلام ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس لها عليه نفقة ; لأنها لا تترك ، إنما يعرض عليها الإسلام ، فإن أسلمت كانت امرأته وإلا فرق بينهما .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الجبار عن أبي الزناد قال : خاصمت امرأة زوجها إلى عمر بن عبد العزيز وأنا حاضر في إمرته على المدينة ، فذكرت له أنه لا ينفق عليها ، فدعاه عمر فقال : أنفق عليها وإلا فرقت بينك وبينها . قال أبو الزناد وقال عمر اضربوا له أجلا شهرا أو شهرين ، فإن لم ينفق عليها إلى ذلك فرقت بينهما . قال أبو الزناد قال لي عمر : سل لي سعيد بن المسيب عن أمرهما ، قال : فسألته فقال : يضرب له أجل ، فوقت من الأجل نحوا مما وقت له عمر ، قال سعيد فإن لم ينفق عليها إلى ذلك الأجل فرق بينهما ، قال فأحببت أن أرجع إلى عمر من ذلك بالثقة ، فقلت له : يا أبا محمد : أسنة هذه ؟ فقال سعيد وأقبل بوجهه كالمغضب سنة سنة نعم سنة ، قال : فأخبرت عمر بالذي قال فتوجع عمر لزوج المرأة ، فأقام لها من ماله دينارا في كل شهر وأقرها عند زوجها وأحدهما يزيد على صاحبه .

                                                                                                                                                                                      مالك وغيره عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما ، وسمعت مالكا يقول كل من أدركت يقولون إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما . ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال : إذا تزوج الرجل المرأة وهو غني فاحتاج حتى لا يجد ما ينفق فرق بينهما ، وإن وجد ما يغنيها من الخبز والزيت وغليظ الثياب لم يفرق بينهما ، قال الليث وقال ربيعة : أما العباء والشمال فعسى أن لا يؤمر بكسوتها ، وأما غليظ الثياب من الحنفي والأتريبي وأشباه ذلك فذلك جائز للمعسر ، ولا يلتمس منه غيره ، وما سد مخمصتها ورفع الجوع عنها ، فليس لها غيره ، وأما الخادم فإن لم تكن عنده قوة على أن يخدمها فإنهما يتعاونان على الخدمة ، إنما حق المرأة على زوجها ما كفاها من الثياب والمطعم فأما الخدمة يكفي عنها عند اليسر وتعين بقوتها عند العسر ، قال سحنون عجزه عن الخدمة كعجزه عن النفقة ، والفرقة تجب بذلك بينهما إذا عجز عنها

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية