الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فإن سافر بها فطلقها واحدة أو اثنين أو ثلاثا وقد سافر أو انتقل بها إلى موضع سوى موضعه فطلقها في الطريق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : الطلاق لا أقوم على أني سمعته من مالك ، ولكنه مثل قوله في الموت وكذلك أقول ; لأن الطلاق فيه العدة مثل ما في الموت .

                                                                                                                                                                                      قلت : والثلاث والواحدة في ذلك سواء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم قلت : أرأيت إن سافر فطلقها تطليقة يملك الرجعة أو صالحها أو طلقها ثلاثا أو كان انتقل بها من موضع إلى موضع وقد بلغت الموضع الذي أراد إلا مسيرة اليوم أو اليومين أو أقل من ذلك ، فأرادت المرأة أن ترجع [ ص: 46 ] إلى الموضع الذي خرجت منه وبينها وبين الموضع الذي خرجت منه شهر وليس معها ولي ولا ذو محرم ، أيكون ذلك لها في قول مالك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان الموضع الذي خرج إليه موضعا لا يريد سكناه مثل الحج أو المواجيز وما وصفت لك من خروجه إلى منزله في الريف ، إن كانت قريبة من موضعها الذي خرجت منه رجعت إلى موضعها ، وإن كانت قد تباعدت ، لم ترجع إلا مع ثقة وإن كانت إنما انتقل بها فكان الموضع الذي خرجت إليه على وجه السكنى والإقامة فإن أحبت أن تنفذ إلى الموضع الذي خرجت إليه ، فذلك لها وإن أحبت أن ترجع فذلك لها إن أصابت ثقة ترجع معه ; لأن الموضع الذي انتقلت إليه مات قبل أن يتخذه مسكنا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان مات قبل أن يتخذه مسكنا فلم جعلت المرأة بالخيار في أن تمضي إليه فتعتد فيه وأنت تجعله حين مات الميت قبل أن يسكنه غير مسكن ، فلم لا تأمرها أن ترجع إلى موضعها الذي خرجت منه وتجعلها بمنزلة المسافرة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا تكون بمنزلة التي خرج بها مسافرا ; لأنه لما خرج بها منتقلا فقد رفض سكناه في الموضع الذي خرج منه وصار الموضع الذي خرج منه ليس بمسكن ولم يبلغ الموضع الذي خرج إليه فيكون مسكنا له ، فصارت المرأة ليس وراءها لها مسكن ولم تبلغ أمامها المسكن الذي أرادت ، فهذه امرأة مات زوجها وليس في مسكن ، فلها أن ترجع إن أرادت إذا أصابت ثقة أو تمضي إلى الموضع الذي أرادت إن كان قريبا ، وإن كان بعيدا فلا تمضي إلا مع ثقة .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قالت المرأة لا أتقدم ولا أرجع ولكن أعتد في موضعي الذي أنا فيه ، أو أنصرف إلى بعض المدائن أو القرى فأعتد فيها أيكون ذلك لها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، ويكون ذلك لها فيه ; لأنها امرأة ليس لها منزل ، فهي بمنزلة امرأة مات زوجها أو طلقها ولا مال له ، وهي في منزل قوم فأخرجوها فلها أن تعتد حيث أحبت ، أو بمنزلة رجل خرج من منزل كان فيه فنقل المرأة إلى أهلها فتكارى منزلا يسكنه ، فلم يسكنه حتى مات فلها أن تعتد حيث شاءت ; لأنها لا منزل لها إلا أن تريد أن تنتجع من ذلك انتجاعا بعيدا فلا أرى ذلك لها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية