الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن صبيا تزوج امرأة بإذن أبيه قد كان طلقها زوجها قبل ذلك ألبتة فدخل بها هذا الصبي فجامعها ومثله يجامع إلا أنه لم يحتلم فمات عنها هذا الصبي ، أيحلها جماعه إياها لزوجها الذي كان طلقها ألبتة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا يحلها ذلك لزوجها لأن وطء هذا الصبي ليس بوطء وإنما الوطء ما يجب فيه الحدود .

                                                                                                                                                                                      قلت : أتقع بذلك الحرمة فيما بين آبائه وأولاد هذا الصبي وبين هذه المرأة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم بالعقدة تقع الحرمة في قول مالك قبل الجماع قال : وسمعت مالكا يقول في المسلم يطلق النصرانية ثم يتزوجها النصراني ويدخل بها إن ذلك ليس يحلها لزوجها .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لأن نكاحهم ليس بنكاح المسلمين .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم وهم يثبتون على هذا النكاح إن أسلموا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : هو نكاح إن أسلموا .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وابن وهب وعلي عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه { أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب [ ص: 211 ] على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير ، فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الذي كان طلقها . قال عبد الرحمن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن تزويجها ، وقال : لا تحل لك حتى تذوق العسيلة } .

                                                                                                                                                                                      يونس عن ابن شهاب أنه قال : فمن أجل ذلك لا يحل لمن بت طلاق امرأته أن يتزوجها حتى تتزوج زوجا غيره ويدخل بها ويمسها .

                                                                                                                                                                                      يزيد بن عياض أنه سمع نافعا يقول إن رجلا سأل ابن عمر عن التحليل فقال ابن عمر عرفت عمر بن الخطاب لو رأى شيئا من هذا لرجم فيه .

                                                                                                                                                                                      ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم منهم ابن لهيعة والليث عن محمد بن عبد الرحمن المرادي أنه سمع أبا مرزوق التجيبي يقول : إن رجلا طلق امرأته ثلاثا ثم ندما وكان لهما جار فأراد أن يحلل بينهما بغير علمهما ، قال : فلقيت عثمان بن عفان وهو راكب على فرسه ، فقلت : يا أمير المؤمنين إن لي إليك حاجة فقف علي فقال : إني على عجل فاركب ورائي ، ففعل ثم قص عليه الأمر فقال له عثمان لا إلا بنكاح رغبة غير هذا السنة .

                                                                                                                                                                                      يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي جعفر عن شيخ من الأنصار قديم يقال له أبو عامر عن عثمان بهذا قال عبيد الله فحسبت أنه قال : ولا أستهزئ بكتاب الله .

                                                                                                                                                                                      وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن المسيب وطاوس وعبد الله بن يزيد بن هرمز والوليد بن عبد الملك وغيرهم من التابعين مثله .

                                                                                                                                                                                      قال ابن المسيب لو فعلت كان عليك إثمهما ما بقيا .

                                                                                                                                                                                      قال الوليد كنت أسمع يقال إن الزنا ثلاثة الرجل والمحلل والمرأة ، وقال بعضهم اتق الله ولا تكن مسمار نار في كتاب الله ، فقلت لمالك : إنه يحتسب في ذلك فقال يحتسب في غير هذا وقال الليث لا ينكح بنكاح رغبة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية