الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في ميراث ولد الملاعنة قلت : أرأيت ابن الملاعنة إذا مات وترك موالي أعتقهم فماذا ترى في مواليه ؟ وهل ترث الأم من ميراث موالي ابنها الذي لاعنت به شيئا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يرث أخواله ولاء مواليه هؤلاء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فمن يرثهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ولده أو ولد ولده أو موالي أمه لأنهم عصبته .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت أمه من العرب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فولده الذكور أو ولد ولده الذكور ، فإن لم يكن أحد من هؤلاء فجميع المسلمين .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت هذا القول عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إنما قال مالك : إذا كانت أمه من الموالي فهلك ابن الملاعنة عن مال ولم يدع إلا أمه ، فإن لأمه الثلث [ ص: 596 ] ولمواليها ما بقي ، ولا يرثه جده لأمه ولا خال ولا ابن خال وإن كان له أخ لأم فله السدس ، فإن كانوا أكثر من ذلك فلهم الثلث حظ الذكر في ذلك مثل حظ الأنثى لقول الله : { فهم شركاء في الثلث } وللأم مع الأخرين السدس ومع الواحد الثلث وإن كانت من العرب فللأم الثلث ولا يرثه خاله ولا جده لأمه وما بقي فلبيت المال إذا لم يكن له ولد يحرز ميراثه ، فإن كان له ولد ذكور فلأمه السدس وما بقي فلولده الذكور ، وكذلك إن ترك ولد ولد ذكورا وإن ترك أخاه لأمه فليس له من ولاء الموالي قليل ولا كثير ، فمعنى هذا القول عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه إنما هو إذا كانت من الموالي فمواليها عصبته وإن مات عن مال ولا وارث له غير موالي أمه ورثوه كذلك .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : إذا لم يكن ثم من يرثه غيرهم فإن جميع المال لهم . ألا ترى أن ابن الحرة إذا كان زوجها عبدا أن ولاء ولدها لمواليها الذين أنعموا عليها وعلى ابنها ، فكذلك ابن الملاعنة فبهذا القول يستدل أن عصبته إنما هم موالي أمه .

                                                                                                                                                                                      وقال عروة بن الزبير وسليمان بن يسار مثل قول مالك : إذا كانت أمه مولاة أو عربية وكذلك ولد الزنا ابن وهب ، وأخبرني محمد بن عمرو ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح وابن شهاب وربيعة والحسن بنحو ذلك

                                                                                                                                                                                      ابن وهب قال : وأخبرني يونس ، عن ربيعة أنه قال في ولد الزنا مثل قول عروة وسليمان بن يسار سواء .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وهو قول مالك أيضا ، وهو مثل ولد الملاعنة إذا كانت أمه عربية أو مولاة .

                                                                                                                                                                                      قال : وأخبرني الخليل بن مرة ، عن قتادة ، عن خلاس أن عليا وزيد بن ثابت قالا في ولد الملاعنة العربية : لأمه الثلث وبقيته في بيت مال المسلمين . سعيد بن أبي أيوب أنه بلغه عن الحسن في ولد الملاعنة مثل قول عروة وسليمان بن يسار سواء

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية