الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 526 ] في مدبر الذمي يسلم قلت : أرأيت لو أن نصرانيا اشترى مسلما فدبره ما يصنع به ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما الذي سمعت من مالك في النصراني يدبر العبد النصراني ثم يسلم العبد ، فإنه يؤاجر فأرى هذا يشبهه وهو مثله عندي ، ومما يدلك على ذلك أن لو قال له : أنت حر إلى سنة مضى ذلك عليه وأوجر له ولم يكن إلى رد العتق سبيل .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أسلم مدبر النصراني قال : يؤاجر فيعطي إجارته حتى يموت النصراني ، فإن مات النصراني وله مال يخرج المدبر من ثلثه عتق المدبر وكان ولاؤه لجميع المسلمين وإن لم يترك النصراني وفاء عتق منه ما عتق وبيع منه ما بقي من المسلمين .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : فإن أسلم النصراني قبل أن يموت رجع إليه عبده وكان له ولاؤه ، فإن أسلم بعض ولد النصراني أو أخ له ممن يجر ولاء مواليه ويرثه كان ولاء المدبر له يرثه دون جماعة المسلمين قلت : أرأيت إن أسلم العبد ثم دبره مولاه النصراني ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى العمل فيه مثل الذي فعل بالذي دبر وهو نصراني يؤاجر لأنا إن بعناه كان الذي يعجل النصراني من هذا العبد منفعة له ومضرة على العبد ولأن العبد إن أخطأه العتق يوما كان أمره إلى البيع فلا يعجل له البيع لعله يعتق يوما ما ، وليس للنصراني فيه أمر يملكه إذا أجرناه من غيره إلا الغلة التي يأخذها ، إلا أن ولاء هذا أيضا إن عتق للمسلمين لا يرجع إلى النصراني . وإن أسلم ولا إلى ولد له مسلمين وقد ثبت ولاؤه للمسلمين .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقال بعض الرواة : لا يجوز اشتراء النصراني مسلما لأني لو أجزت شراءه ما بعته عليه ، ولكن لما لم يجز له ملكه ابتداء لم يجز له شراؤه وإن أسلم عبده ثم دبره فإنه يكون حرا لأنه إذا أسلم العبد بيع على سيده ، فلما منع نفسه بالتدبير الذي هو له من البيع والمدبر لا يباع عتق عليه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية