الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يحلف بحرية عبده إن لم يفعل كذا وكذا فيموت قبل أن يفعل

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال لامرأته : أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة ، أو قال لأمته : أنت حرة إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة ، فمات في السنة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فلا شيء عليه عند مالك لأنه مات على بر .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قال لرجل : أمتي حرة إن لم أفعل كذا وكذا ، وقال لرجل : امرأته طالق إن لم تفعل كذا وكذا ، فتلوم السلطان فمات الرجل الحالف في أيام التلوم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هو حانث في الجارية ، وتعتق في ثلث ماله وترثه امرأته ; لأن الحنث وقع عليه بعد موته لأنه كان لا ينبغي له أن يطأ واحدة منهما في تلومه ، ولو كان على بر لوطئ ، فإذا مات قبل أن يفعل فقد حنث وعتقت الجارية في الثلث وترثه امرأته .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقال أشهب : لا يعتق إذا مات الرجل في التلوم .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فإذا قال لامرأته : أنت طالق إن لم أتزوج عليك ، أو : أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار ، أهو على حنث حتى يفعل ما قال ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قلت : فإن مات الحالف أو ماتت المرأة التي حلف عليها هل يتوارثان في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم يتوارثان .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل حنث في يمينه حين مات أو ماتت ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال لي مالك : لا حنث بعد الموت . [ ص: 398 ]

                                                                                                                                                                                      قلت : فكيف كان هذا على حنث وحلت بينه وبين امرأته وضربت له أجل الإيلاء لأنه عندك على حنث ، وهو إذا مات أو ماتت امرأته قلت لا يحنث فلم كان هذا هكذا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه لا حنث عندنا بعد الموت قلت : أرأيت إن حلف في الصحة على شيء ليفعلنه بعتق رقيقه ، فمات ولم يضرب لذلك أجلا قبل أن يفعله ، أيعتق رقيقه من الثلث أو من جميع المال ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : يعتقون من الثلث ، قال مالك : ولا يستطيع أن يبيعهم قبل موته وإن كانت فيهم جارية لم يقدر على أن يطأها حتى يبر ، أو يحنث فتخرج حرة .

                                                                                                                                                                                      قلت : فلم جعلهم مالك من الثلث وأصل يمينه إنما كانت في الصحة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن الحنث نزل بعد الموت وكل عتق بعد الموت فهو في الثلث لأنه لم يزل على الحنث حتى مات ، فلما ثبت على الحنث حتى مات علمنا أنه إنما أراد أن يعتقهم بعد موته ، وقد علمت أن من أعتق في المرض أنه من الثلث ، فالذي بعد موت أحرى أن يكون من الثلث .

                                                                                                                                                                                      سحنون ، لأن للرجل أن يوصي بأن يعتق عنه بعد موته ولا يجوز أن يوصي رجل بطلاق امرأته بعد موته .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية