الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن [ ص: 248 ] اختلعت من زوجها على أنه لا سكنى لها على الزوج ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان إنما شرط عليها أن عليها كراء المسكن الذي تعتد فيه وهي في مسكن بكراء فذلك جائز ، وإن كان شرط عليها إن كانت في مسكن الزوج أن عليها كراء المسكن وهو كذا وكذا درهما كل شهر فذلك جائز ، وإن كان إنما شرط عليها حين قال ذلك على أنه لا سكنى لك على أن تخرج من منزله الذي تعتد فيه وهو مسكنه فهذا لا يجوز ولا يصلح في قول مالك وتسكن بغير شيء والخلع ماض .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن وقع الشرط فخالعها أن لا سكنى لها عليه على أن تخرج من منزله ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : كل خلع وقع بصفقة حلال وحرام كان الخلع جائزا ورد منه الحرام .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يكون للزوج على المرأة شيء فيما ردت من ذلك في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، قال ابن القاسم : قال مالك في الرجل يكون له على امرأته دين إلى أجل أو يكون للمرأة على الزوج دين إلى أجل ، فخالعها على أن يعجل الذي عليه الدين للذي له الدين دينه قبل محل أجل الدين . قال مالك : الخلع جائز والدين إلى أجله ولا يعجل ، وقد قيل إن الدين إذا كان عليه إلى أجل فليس بخلع وإنما هو رجل أعطى وطلق ، فالطلاق فيه واحدة وهو يملك الرجعة وهذا إذا كان الدين عينا وهو مما يجوز للزوج أن يعجله قبل محله ، وأما إن كان الدين عرضا أو طعاما أو مما لا يجوز للزوج أن يعجله إلا برضا المرأة ولا تستطيع المرأة قبضه إلا برضا الزوج ، فهذا الذي يكون خلعه بتعجيله خلعا ويرد إلى أجله ، وإنما طلاقه إياها على أن يعجل ذلك لها فهو لو زادها درهما أو عرضا سواه على أن يعجل ذلك لها لم يحل ، وكان ذلك حراما ويرد الدين إلى أجله ، وأخذ منها ما أعطاها ; لأنه يقدر على رده ، وإن الطلاق قد مضى فلا يقدر على رده ويرد الدين إلى أجله ; لأنه إنما طلق على أن يحط عنه الضمان الذي كان عليه إلى أجل ، فأعطاها الطلاق لأخذ ما لا يجوز له أخذه فألزم الطلاق ومنع الحرام ، ألا ترى لو أنه طلقها على أن تسلفه سلفا ففعل إن الطلاق يلزمه ويرد السلف ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سلف جر منفعة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية