الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يعتق في مرضه رقيقا فيبتل عتقهم أو بعد موته وعليه دين قلت : أرأيت إن أعتق عبيده في مرضه فبتل عتقهم ، أو أعتق بعد موته وعليه دين يغترق العبيد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز عتقه عند مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان الدين لا يغترق قيمة [ ص: 413 ] العبيد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقرع بينهم للدين ، فمن خرج منهم سهمه بيع في الدين حتى يخرج مقدار الدين ، ثم ينظر إلى ما بقي فيعتق منهم الثلث بالقرعة أيضا وهو قول مالك وقد وصفت لك كيف القرعة أن يقارعوا ، فإذا خرجت القرعة على أحدهم وقيمته أكثر من الدين بيع منه مقدار الدين ، والذي يبقى منه بعد الدين يقرع عليه أيضا في العتق مع من بقي ، فإن خرج ما بقي من هذا العبد في العتق وكان كفافا لثلث الميت عتق ، وإن لم يكن فيه وفاء أقرع أيضا بين من بقي منهم فإن خرجت القرعة على بعض من بقي وقيمته أكثر مما بقي من الثلث عتق منه مبلغ الثلث ورق منه ما بقي ، وإن كان حين أقرع بينهم في الدين أنهم يباعون في الدين خرجت القرعة على أحدهم وليس فيه وفاء بالدين فإنه يقرع بينهم أيضا ثابتة حتى يستكمل الدين بالقرعة ، وإن خرجت القرعة بعد الأول على آخر فيه وفاء ببقية الدين وفضل بيع منه مبلغ الدين وكان ما بقي منه بعد ذلك للميت .

                                                                                                                                                                                      ويضرب على ما بقي منه بالسهام مع جميع الرقيق الذين بقوا بعد الدين ، فمن خرج سهمه عتق في ثلث الميت حتى يستكملوا ثلث الميت ، وليست تكون القرعة عند مالك إلا في الوصية وهذه وصية .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالذي أعتق رقيقه في مرضه فبتلهم ، أو أعتقهم بعد الموت وعليه دين والعبيد أكثر من الدين ، أهو سواء في قول مالك يقرع بينهم في الدين ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، هو سواء .

                                                                                                                                                                                      قلت : ويقرع بينهم فيما فضل بعد الدين في العتق في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن لم يكن عليه دين أيقرع بينهم في العتق في قول مالك في الوجهين جميعا في الدين بتل عتقهم في مرضه وفي الذين أوصى بعتقهم إنما العتق في أي الفريقين كان بالقرعة وإن كان لا دين عليه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أعتقهم في مرضه وعليه دين وعنده من المال مقدار الدين ، فتلف المال ثم مات السيد والدين يغترق قيمة العبد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هؤلاء رقيق كلهم يباعون في الدين ; لأن هذه وصية فلا يكون العتق في الوصية عتقا ، إلا بعد أداء الدين .

                                                                                                                                                                                      قلت : وسواء بتل عتقهم في مرضه في مسألتي أو أعتقهم بعد موته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، هذا كله سواء ; لأنها وصية ، فهم رقيق حتى يستوفي الدين ، فإن كان في قيمتهم فضل عن الدين أسهم بينهم فيمن يباع في الدين ، ثم أقرع بينهم في العتق في الثلث .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية